من هو الرئيس القادم؟
سهم محمد العبادي
تنشغل الأوساط السياسية والشعبية حاليا بشخصية رئيس الوزراء القادم، حيث أصبح العرف السائد أن الحكومة ومجلس النواب يكملان فترة الأربع سنوات لينفذ كل منهما برامجه ومنحهم الاستقرار والوقت الكافي، رغم أن تلك الفترة لم تخل من المشاغبات السياسية على الأداء وكذلك الانتقادات من قبل الشارع الأردني لكليهما.
تحديات إقليمية كبيرة يواجهها الأردن، في مقدمتها القضية الفلسطينية والتطورات المتسارعة للأحداث العسكرية على الأرض، والتهديدات الإقليمية وحرب المخدرات وتهريب الأسلحة من الأراضي السورية، وملف اللاجئين، وتحديات داخلية في مقدمتها كما كل حكومة الفقر والبطالة، وتجويد عملية الإصلاح الساسي، وترجمة منظومة الإصلاح الشامل، ودعم القطاعات الاقتصادية وقضايا التنمية الشاملة، ومعالجة تراجع السياحة الخارجية بحكم الظروف الإقليمية، وعديد من القضايا والتحديات التي يعرفها الجميع اقتصادية، صحية، تعليمية وكذلك استعادة ثقة المواطن الأردني بمؤسساته.
إذن، الملفات كثيرة ومتشعبة، ولا تحتاج إلى موظفين لإدارتها، بل تحتاج إلى قيادات لفك طلاسمها وتشعباتها، وأتعبتنا ترحيل هذه الملفات من حكومة إلى أخرى، وقد ناهزت الخمسين عاما من عمري، وما زلت أسمع بذات الملفات والتحديات والوعود والنتيجة "مكانك سر".
المرحلة المقبلة تتطلب حكومة استثنائية برامجية مرتبط تنفيذها بمدة زمنية، فأكثر ما يتعبنا كمواطنين أن نسمع عن إنجازات لا نراها أو إنجازات لم تؤثر فينا إيجابا، وحتى لا نرفع الراية البيضاء ونحن في خضم مشروع منظومة الإصلاح الشامل للدخول بها إلى المئوية الثانية، نحتاج إلى رئيس حكومة يعي كل المخاطر والملفات والتحديات الخارجية والداخلية، لديه القدرة على مواجهتها وتحويلها إلى فرص يمكن استغلالها لمصلحة الأردن، وتعود على الدولة وشعبها بالفائدة كلها، ولديه القدرة على التواصل مع المواطنين في بواديهم وقراهم وأريافهم ومدنهم ومخيماتهم قبل أن يتواصل مع المؤسسات التابعة له، فهذه المؤسسة تبني وجودها على احتياجات الوطن ومواطنيه وما يتطلبانه، لا أن تقدم ما "تجود" به عليهما، ونحتاج إلى رئيس لديه القدرة على الحوار مع المواطنين والاستماع لهم دون تكلف، أو تصنع، ولديه الحلول المناسبة، وليس الاستماع للقضايا والمعيقات فقط.
ونحتاج إلى من يقود المرحلة السياسية، ويعززها في ظل وجود مجلس نواب حزبي وتطوير أداء الرقابة والتشريع وفتح القوانين التي تحتاج إلى تجويد، وأن يكون لدينا استقرار تشريعي في القوانين، وأن يكون النواب في موعدهم ودورهم المناط بهم، وأن يلمس المواطن هذا الأداء.
الصالونات السياسية منشغلة بطرح أسماء "ترويجية" لا يعرفها إلا أصدقاؤهم المقربون، ولو مشوا في شوارع السلط، الكرك أو المفرق، فلن يتعرف عليهم أحد، ولو سألت الأردنيين عنهم أسماءهم، فلن يعرفوهم أيضا، وهنا تدخل عملية التشويش والترويج لبعض الشخصيات التي تربطها بالصالونات علاقات "نفعية" أو توزيرية.
رؤية التحديث السياسي وما يخص الأحزاب والانتخابات شابه خلل التنفيذ من قبل البعض في العملية الانتخابية الحالية، فتولد لدينا عدد من الأحزاب المناطقية، العشائرية والشركاتية، لكنها أبعد ما يكون عن كونها أحزاب معنية بالشأن الوطني وهمومه وخدمة الدولة والمواطن، وهذه الشائبة التي تحتاج إلى تدخل علاجي لتصحيح وتصويب المسار، بحيث تساهم في انضواء أبناء الوطن تحت مظلة الأحزاب التي تخدم الوطن وليس مظلة الأشخاص أو نفوذ البعض، حزب برامجي، وليس برامج شخصية تحت مسمى الحزبية، ونحتاج إلى إعادة النظر في الحوار الوطني ومعرفة تطلعات وهموم الأردنيين وتحديد الأولويات الداخلية قبل الخارجية، بالإضافة إلى دعم وتحفيز المشاركة السياسية من أجل التغيير للأفضل والمساهمة في صنع القرار ليكون الأردني شريك مصير، وليس شريك طريق أو شريك مضارب.
نحتاج إلى رئيس وطاقم حكومي من أصحاب التخصصات في مجالاتهم، وأنا أرفض رؤية البعض بأن منصب الوزير سياسي لا بل يجب أن يكون المنفذ الأول للبرامج في وزاراته ما دام هو أول من سيحاسب على هذه البرامج، وهذا يستوجب أن يكون مختصاً في الوزارة التي يقودها، مثلما يجب أن يكون هنالك برامج عابرة للحكومات، وليس كل وزير ببرنامج، وكل تعديل حكومي ببرنامج.
نهاية الحديث المرحلة المقبلة صعبة ودقيقة وحساسة؛ وعلى من يروج لهذا أو ذاك أن يتوقف فالتجربة بهكذا شخوص مكلفة جدا.
“الأردن العظيم يستحق الأفضل دوما”