خلية أزمة أردنية وفورا
مالك العثامنة
ما يحدث في الضفة الغربية يجب ألا يكون مفاجئا، فهو متوقع ومحسوب وقد حذر منه الملك عبدالله الثاني مرارا في كل خطاباته للمجتمع الدولي، كان آخرها توقعه للإنفجار الخطير في الضفة في كلمته أمام هيئة الأمم في سبتمبر 2023، قبل شهر من انفجار السابع من أكتوبر.
الخطير هذه المرة أن "تفجير الوضع" في الضفة بهذا العنف والقسوة يتسق مع مصالح حكومة اليمين المتطرف التي يقودها نتنياهو، وتتماهى تماما مع "خطة الحسم" التي طرحها الوزير الأكثر خطورة في حكومة التطرف بتسلئيل سموتريتش، والتي طرحها بوضوح عام 2017 ونشرها في مجلة عبرية.
يمكن العودة للخطة المنشورة منذ ذلك الوقت لكن ملخصها يتكثف في سيناريوهين لا ثالث لهما:
1 - الإبقاء على "السكان الفلسطينيين" الذين يتخلون عن طموحاتهم الوطنية والتعامل معهم "كأفراد مقيمين" في الدولة اليهودية.
2 - والسيناريو الثاني الأخطر له تفريعتان في التعامل مع من لا يريد التخلي عن طموحاته الوطنية: التهجير الطوعي أو التهجير القسري باستخدام القوة المفرطة والحسم العسكري.
هذه خطة واضحة متبناة بشكل رسمي من أحزاب يمين ينتخبهم المزاج العام الإسرائيلي ويحكمون فعليا باسم هذا المزاج، في حكومة رئيسها بنيامين نتنياهو الذي كانت منهجيته واضحة منذ تولى
الحكم أول مرة عام 1996 باستبعاد أي فرص تسوية للنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، وتكريس الانقسام الجيوسياسي بين الضفة والقطاع للقذاء نهائيا على فكرة الدولتين من خلال إضعاف مستمر
ويومي للسلطة الفلسطينية للوصول إلى قاعدة عدم وجود شريك سلام فلسطيني بالمطلق.
لم يكن نتنياهو في أي يوم مستعدا للقيام بأي مخاطرة "سلام" مع السلطة الفلسطينية رغم أنها وصلت إلى كل ما يمكن الوصول إليه من تنازلات بما فيها التخلي عن الكفاح المسلح، كان نتنياهو
يخشى دوما أن تنجح ولو بالخطأ أي فرصة لعملية سلام.
اليوم، الضفة يتم "تفجيرها" بشكل واضح تحت ظل كل تلك المعطيات، ومن لا يرى في أحداث غرب النهر خطورة أمن قومي تبلغ الحد الأقصى من الكارثة على الأردن فتلك مصيبة، لأن التهجير "طوعي أو
قسري وفعليا لا يمكن أن يكون هناك تهجير طوعي" سيكون باتجاه الشرق، وهذا معلن بلا أي التباسات عند كل اليمين الإسرائيلي، اليمين الذي لا يسار بالمطلق يكفي ليقابله اليوم.
السؤال الذي يجب وضعه على الطاولة الآن "وبأثر رجعي قدر الإمكان في كل حيثياته":
ما هي التصورات الأردنية لمواجهة هذا الخطر المحدق بالأمن القومي للدولة الأردنية؟
باعتقادي الجازم، انه حان الوقت لخلق وصياغة خلية أزمة مكثفة التوجه ومن خارج صندوق كل أوصياء الوضع الراهن، لأن الوضع الراهن لم يعد ممكنا الرهان عليه بالمطلق.