الحرب على المخيمات هي حرب على القضية برمتها
كتب د. محمد عودة
إن مخيمات جنين وبلاطة ونور شمس وعسكر كنماذج لكل مخيمات اللجوء في الداخل والخارج، ولذلك ومنذ النكبة لم تتوقف محاولات التوطين بغية القضاء على المخيمات وبالتالي طمس القضية الفلسطينية مهما كانت عادلة. فالمخيمات ليست اماكن تسكنها العائلات الناجية من النكبة قصراً بل هي قلاع تسكنها القضية برمتها، حيث أن المخيمات كلها وإن بنسب متفاوتة ترمق مغتصبيها بنظرة الدم الذي سينتصر على السيف.
لقد دفع فشل كل مشاريع التوطين بدءاً من مشروع ماك غي مروراً بعشرات المشاريع (بعثة جوردن كلاب، جون بلانفورد، اريك جونستون، سميث وبيروني، فوستر دالاس، هيوبرت همفري، داغ همرشولد، جوزيف جونستون، مارك بيرون، دونا آرزت، بيل كلينتون، إلينا روز لشتاين، مشروع الجزيرة، ووصولاً إلى وثيقة جنيف) الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة إلى البحث عن طرق بديلة للتوطين عبر تحويل حياة المخيمات إلى جحيم مرة عبر الإغراءات ومراراً عبر المجازر التي نذكر منها ما تقوم به إسرائيل بشكل مباشر أو عبر أدواتها المتعددة كما حصل في تل الزعتر ومن ثم في صبرا وشاتيلا، نهر البارد والبداوي وعين الحلوة في لبنان مروراً بما جرى في اليرموك وحمص والسيدة زينب في سوريا وصولاً إلى المجازر المتكررة في كل مخيمات الضفة الغربية خاصة مخيمات الشمال (جنين، نور شمس، طولكرم وبلاطة) ضمن مخيمات أخرى، أما مخيمات غزة فقصة أخرى. فالعمل جاري هناك على تهجير المواطن قبل اللاجئ.
لقد شكّلت ولا زالت المخيمات جذوة للنضال فما إن اشتكى مخيم إلا وتداعت له كافة المخيمات، سيبقى عين السلطان يروي جذور الثورة وسيبقى عقبة جبر عقبة كأداء أمام انجاز المشروع الصهيوني. أما الدهيشة المجاور للسيد المسيح لا زال يدهش المحتلين بحجم عطاءه، فما بالك بقلنديا القابع على تلال ميناء القدس الجوي فسيشكل محطة للعائدين إلى بلداتهم عبر مطار القدس الفلسطيني.
كيف يمكن أن نعزز صمود مخيماتنا ونمنع تذويب سكانها في مجتمعات اللجوء عملاً بقرارات الشرعية الدولية خاصة القرار 194 الذي ينص على حق العودة، وإنصافاً لتوفيق زيّاد الذي يقول كأننا عشرون مستحيل في اللد والرملة والجليل على صدوركم باقون كالجدار وفي حلوقكم كقطعة الزجاج، كالصبار وفي عيونكم زوبعة من نار.
إن التدمير الممنهج للمخيمات في فلسطين وإن بشكل أقل في الخارج، يهدف بالأساس إلى إلغاء حق العودة وتثبيت الرواية الصهيونية بأن هذه الارض بلا شعب وأن اليهود شعب بلا أرض على حساب الحقيقة الفلسطينية التي برهنت على أن الحضارة الكنعانية سبقت كل الأديان وأن فلسطين ملك لأهلها دون غيرهم.
مطلوب اليوم وقبل الغد حمل قضية المخيم مع قضايا الإبادة الجماعية وحرب التجويع إلى كل المحافل الدولية وبالأخص محكمة العدل الدولية إضافة إلى رفع قضايا على الاحتلال وجنوده ومستوطنيه الذين يعتبروا الأداة الأهم في إنهاء المخيمات عبر الترويع إلى محكمة الجنايات الدولية هذا يحصل أمام ناظر المجتمع الدولي برمته.
يجب أن لا يلهينا حجم المجازر التي ترتكب في القطاع الحبيب عن ما يحصل في الضفة الغربية والقدس. إن الحرب على غزة تنسجم بالمطلق مع أطماع إسرائيل التوسعية، طمعها في الاستيلاء على غزة مفرغة من أهلها إضافة إلى الأطماع الأمنية والاقتصادية، أمّا في الضفة والقدس فإضافة الى كل ما سبق هناك عامل ديني ايديولوجي يلتف حوله يهود العالم ومعهم الصهيونية المسيحية رغم أن الرواية من نسج خيال الاستعمار.
على القيادة الفلسطينية أن تضع منذ الأمس برنامجاً متكاملاً لمواجهة المذابح في غزة ومخيمات الضفة حيث أن التأخر في وضع خطط واضحة لمواجهة ذلك ومعنا الشعوب العربية ومعظم شعوب العالم سوف يوصلنا أن نقول لقد اُكلنا يوم تمكن المحتل من الاستفراد ببلدنا قطعة قطعة.
لماذا لا نعيد المطالبة بكل قرارات الشرعية الدولية وعلى رأسها قرار 181. فكرة برسم النقاش لعلنا نخلص إلى آليات تخلصنا من سرطان الاحتلال.