كيف نميز بين التنمية والفشل
إبراهيم غرايبة
كيف نميز بين التنمية والفشل، بين التقدم والتخلف؟ متابعة الحراك الفكري والإعلامي في النشر والندوات والصالونات والاستماع إلى المسؤولين الرسميين تؤشر على حالة من الفوضى والتضليل لا يعود في ظلها قدرة على تحديد وجهات النظر واتجاهات الجدل بين التيارات والأشخاص، .. والأسوأ تسويق الفشل على أنه تنمية ونجاح، والتراجع على أنه تقدم ولكن الأسوأ من ذلك كله تزوير الأفكار والمؤشرات الأساسية للتنمية والتقدم والتي صارت ثقافة عامة يمكن ملاحظتها على سبيل المثال في تقرير الأمم المتحدة السنوي للتنمية البشرية، وافتعال قصص نجاح معزولة وإعلان الحرب على مسائل هامشية في التخلف وتحويلها إلى قضايا أساسية أو إنشاء انطباعات مضللة قائمة على الاحتفالات الإعلامية والعلاقات عامة وإخفاء الحقائق وتجاهلها. هذا الأسلوب الاحتفالي في معالجة قضايا وأحداث لا تحتمل الضجيج والأعراس لا يختلف في شيء عن الإرهاب، ويذكر بالآية القرآنية "وسحروا أعين الناس واسترهبوهم"..
التقدم يقاس ببساطة ووضوح وكما قدمته للعالم الأمم المتحدة/ برنامج التنمية البشرية، بمجموعة من المؤشرات العملية والواضحة، التعليم، الصحة، الرعاية الاجتماعية، العدالة والمساواة، الدخل والنمو الاقتصادي، التكامل الاجتماعي، معدل العمر، والتغذية، السكن الصحي والملائم، الخدمات والمرافق، القدرة على المشاركة والتوظيف في العولمة والشبكية القائمة اليوم وتحويلها إلى موارد،... وفيات الاطفال، والجرائم، وحوادث السير، والأمراض، وعدد الأطباء والممرضين والمعلمين والغرف الصفية بالنسبة للطلاب، ونسبة استيعاب الأطفال في المدارس (الحكومية فلا احد في العالم يلقي بالا للمدارس الخاصة إلا على أنها زينة غير ضارة) والمستشفيات وعدد الأسرة والتأمين الصحي والضمان الاجتماعي وحقوق الانسان في الحياة والعمل والأجور العادلة،... والنشر الثقافي والفنون والبحث العلمي، ونسبة الانفاق على التعليم والصحة والبحث العلمي والدفاع والامن، والفجوة بين الأغنياء والفقراء،..
جميع ذلك وغيره يمكن الاطلاع على حاله في الاردن ومقارنته بجميع دول العالم، ويمكن لأجل النظر والعبرة مقارنة الأردن بإسرائيل وسنغافورة للتشابه الكبير في عدد السكان والموارد!
ولا بأس بعد ذلك أن يذهب السادة الإعلاميون والمثقفون والناشطون والمسؤولون إلى أحد فنادق الخمس نجوم للمشاركة في احتفالات ومؤتمرات لأجل الريادة والإبداع والبرمجة العصبية وتنمية المرأة الريفية!