من يقود أميركا المقسّمة؟
كان شهر يوليو/تموز الماضي استثنائيا في التاريخ الأميركي. المرشح الرئاسي دونالد ترمب ينجو من محاولة اغتيال. ومنافسه الرئيس جو بايدن يُدفع للخروج من السباق الرئاسي بعد أداء كارثي في مناظرة هو نفسه طلبها لإثبات مواهبه. ويتم تقديم كامالا هاريس، "ظل الرئيس"، إلى الصف الأمامي لمنافسة ترمب على دخول البيت الأبيض.
هذا فيما يتصل بالماضي والتاريخ. أما المستقبل، فينتظر انطلاق حملة انتخابية شرسة بين ترمب وهاريس في بلاد مفعمة بالاستقطاب والانقسامات.
الحظ جلب هاريس إلى الواجهة، لكنه لا يضمن لها الفوز. فقط ثلاثة أشهر لخوض معركة كبيرة. والحظ أنقذ ترمب من الموت أمام أنصاره، لكنه لا يفتح له باب البيت الأبيض. لكل منهما قاعدته الشعبية والحزبية، والفائز هو من سينجح في كسب الأصوات المتأرجحة.
ليس جديدا اهتمام العالم بالانتخابات الأميركية، فواشنطن هي المصدر- أو مصدر رئيس- لقرارات تمس دولا كثيرة. ولا شك أن الاهتمام هذه المرة أكثر من مواسم انتخابية سابقة، حيث ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي وأحداث شهر يوليو الدرامية في تصاعده. لذلك، تستحق الانتخابات، التي ستجرى في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، أن تكون قصة غلاف "المجلة" لشهر أغسطس/آب ولشهر آخر في هذه السنة.
من هي كامالا هاريس التي لو فازت ستكون أول رئيسة وملونة لأميركا؟ ماذا عن طفولتها ومسيرتها المهنية والسياسية؟ ما أفكارها ورؤيتها؟ هل ستحافظ على الركائز الأساسية التي صممت لحملة بايدن أم ستصنع حملتها السياسية الخاصة؟ هل ستغير أفكارها اليسارية لتكسب أصواتا إضافية؟ ما أولوياتها في السياسة الخارجية وخصوصا في الشرق الأوسط؟ موقفها من إسرائيل وفلسطين؟ هل سيختلف موقفها من إيران عن الرئيس بايدن؟ من ستختار لمنصب نائب الرئيس؟
ثم... ماذا عن ترمب؟ هل تغيّرت أفكاره بعد اقترابه من الموت ونجاته بمعجزة من محاولة الاغتيال؟ لقد كانت انتقاداته تركز على عمر بايدن وعدم قدرته على التركيز، فما أسلحته ضد هاريس التي يمكن أن تقول ببساطة إن ترمب هو الأكبر سنا؟ هل سينجح في جعل الحملة على إرث بايدن بدلا من خطط هاريس؟ لماذا اختار جي دي فانس لمنصب نائب الرئيس؟ ما علاقة فانس بوادي السيليكون وشركات التكنولوجيا والعملات المشفرة والذكاء الاصطناعي؟ هل يختلف "ترمب الثاني" عن "ترمب الأول"؟ هل سيعيد كتابة سياساته الخارجية إزاء الصين وروسيا عن سياسته عندما كان رئيسا؟ ما أولوياته في الشرق الأوسط؟ إيران فقط؟ كيف سيتعاطى مع حرب غزة والحروب الأخرى المحتملة؟ ما أدويته لأمراض الشرق الأوسط وتوتراته؟
نحاول أن نقدم في قصة الغلاف إجابات عن هذه الأسئلة وووضعها في سياق الانقسامات والاغتيالات السياسية في التاريخ الأميركي، مع طرح سيناريوهات حول مدى تمكن الفائز بكرسي الرئاسة من ردم الفجوة العميقة وتضميد الجراح وتوحيد الأميركيين في السنوات الأربع المقبلة... ترمب هو نقيض هاريس. و"ظل الرئيس" هي الوجه المناقض لـ"الرئيس السابق". فمن سيفوز في هذه المعركة الشرسة؟ من سيكون ضيف البيت الأبيض لأربع سنوات، بين 2025 و2028؟
الانتخابات الأميركية على أهميتها واستثنائيتها ليست القصة الوحيدة في عدد أغسطس/آب. نستعرض تاريخ العلاقات بين الصين وإسرائيل، المتأرجحة بين التوتر السياسي والتعاون التجاري، مع مراجعة لتداعيات رعاية بكين لمصالحةٍ بين 14 فصيلا فلسطينيا بما فيها "حماس" والفرق بين الرمزي والحقيقي. كما نركز على توتر الشرق الأوسط المقيم على البركان، وبُعد جديد من "حرب الظل" بين إسرائيل وإيران و"حرب الاستخبارات" بعد اغتيال قائد "حماس" إسماعيل هنية في طهران وقيادي لـ"حزب الله" في بيروت.
وفي العدد أيضا، دراسة معمقة عن إشكالية دور "ولي الفقيه" العابر لحدود الدول، ومقابلة خاصة مع رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق فائق زيدان، الذي يوصف بـ"الرجل القوي" في بغداد، حيث يكشف أنه رفض رئاسة الحكومة ثلاث مرات، ويتحدث عن تصوره لعلاقات العراق بالدول العربية والإقليم وأميركا، ويرد على أسئلة تخص المخاوف من تقسيم العراق، إضافة إلى تقرير عن أبعاد انسحاب الأمم المتحدة.
وعلى وقع مفاوضات جنيف في منتصف أغسطس/آب و"معارك الجنرالين" وتراكم معاناة النازحين واللاجئين والمقيمين، نرسم مشهد السودان المتأرجح بين الحرب والسلام... والمقيم في لهيب النار.
وبمناسبة الذكرى الـ75 لتأسيس "حلف شمال الأطلسي" (الناتو) وقمة واشنطن، نفتح سجالا عن مستقبل الحلف، بين مدافع عن دوره في أوكرانيا وغيرها، وتفهّم لقلق روسيا من توسعه في أوروبا.
كما نغوص في سيرة "المرأة الحديدية" في موسكو، وهي محافظة المصرف المركزي الروسي، وتعويل الرئيس فلاديمير بوتين، قيصر الكرملين، على توصياتها وقراراتها.
نتوقف عند أبعاد بطولة الألعاب الإلكترونية بالسعودية والشراكة بين الإقتصاد والرياضة. ونواكب تأثير التغيرات المناخية ومزاجاتها على عادات السياح وإهتماماتهم وأولوياتهم في موسم الصيف.
في الثقافة، نستعرض ثلاث روايات عربية تناولت الخيال العلمي وتأملات الروائيين في المستقبل والفضاء، إضافة إلى حديث مع كاتبة هولندية عن الأدب والسياسة.