الأردن.. وحش بشري يستدرج الأطفال إلى مخزن.. وينجو من السجن
يشرح الخبير الأمني الدكتور عمار القضاة، لدى حديثه لقناة رؤيا التي تناولت موضوع هتك عرض الأطفال، أن قانون العقوبات الأردني أفرد جرائم هتك العرض في الباب السابع. وتتراوح عقوبة المتهم فيها بين 4 سنوات و20 سنة كحد أقصى. وفي حالة الطفل المذكور، فقد تجاوز السن المميز بالقانون المدني، ما يعني أنه يميز الأشياء، وبالتالي فإن الجاني يستغل الظرف وضعف الطفل ويستدرجه مثلاً من خلال الألعاب الإلكترونية أو ينتحل صفة الأطفال.
وأشار القضاة إلى أن النظام القانوني الأردني يعتبر قدرة الطفل على التمييز بين الصواب والخطأ، وهو مفهوم يعرف بـ "سن التمييز"، عاملاً حاسماً في مثل هذه الحالات. وكثيراً ما يستغل الجناة براءة الأطفال وضعفهم، فيستدرجونهم بوسائل تبدو غير ضارة مثل الألعاب الإلكترونية أو انتحال شخصيات قاصرين. وقد يتجلى هذا السلوك المفترس بأشكال مختلفة، بما في ذلك الاعتداء الجسدي، أو التلصص، أو حتى من خلال الوسائل الرقمية، مثل الانخراط في أعمال فاحشة عبر الفيديو المباشر.
وتزداد صعوبة تأمين الإدانة في هذه القضايا تعقيداً بسبب غياب الأدلة المادية. ففي القضية المطروحة، لم يكشف الفحص الجنائي عن أي آثار لسوائل أو شعر أو دماء أو أي دليل آخر يربط المتهم بالضحية. ويشكل هذا الافتقار إلى الأدلة الملموسة تحديات كبيرة للمحكمة الجزائية، التي يجب أن تعتمد على الأدلة المتاحة لتكوين اعتقاد بإدانة المتهم.
وأوضح القضاة أهمية تقديم شكوى على الفور للحفاظ على الأدلة، مشيرًا إلى أنه في كثير من الحالات، قد يؤدي رد الفعل الأولي للوالدين، مثل الاستحمام للطفل، إلى تدمير أدلة حاسمة عن غير قصد، مما يجعل من الصعب إثبات الجريمة في المحكمة.
إن النسبة المرتفعة من حالات البراءة أو تعليق الملاحقات القضائية في قضايا الاعتداء الجنسي على الأطفال في الأردن، والتي تقدر بنحو 70٪، تؤكد على حساسية وتعقيد هذه القضايا. يتم رفض العديد من الادعاءات باعتبارها تشهيرية أو خبيثة، مما يزيد من تعقيد السعي لتحقيق العدالة للضحايا.
وقال القضاة إن وزارة العدل أجرت دراسة للفترة من 2013 حتى 2017 في الأردن، خلصت إلى أن مجموع التهم الجزائية التي تم إحالتها إلى المحاكم في الأردن بلغ مليون و135,254 قضية، منها 3,942 قضية هتك عرض. مشيرًا إلى أنه في العام 2018، سجل 1,480 قضية هتك عرض كذلك، و931 في العام الماضي.
بدوره، أوضح المحامي المتخصص في قضايا الجنايات الدكتور صلاح جبر كيف حصل الجاني على البراءة أو عدم المسؤولية. ويقول إن البينة الوحيدة هي شهادة الطفل، وما حصل هو أن الطفل قد يكون تعرض لفعل من هذا القبيل، ولكن قد يكون هناك تناقض بين أقواله وشهادته أمام حماية الأسرة أو المحكمة في وقائع جوهرية. وهذه الأسباب هي التي تجعل المحكمة تلجأ للبراءة، لأن الأحكام الجزائية تبنى على الجزم واليقين وليس الشك والتخمين.
ويضيف جبر: "الحق العام يحرك الشكوى، والمشرع حمى الأطفال خصوصًا من قضايا التحرش، حتى في حال إسقاط الحق الشخصي من الأهل، فلا يؤخذ فيه عند المحكمة".
وتابع: "قد يكون الطفل أنكر واقعة مهمة، وتخوّفه من جدته دفعه إلى قول ما تريد الجدة سماعه، ولكن قد يكون هناك خوف تعرض له".
وتعد جريمة هتك العرض واحدة من أخطر الجرائم التي تؤثر بشكل عميق على الأفراد والمجتمع، حيث تشكل اعتداءً جسيماً على كرامة الإنسان وسلامته النفسية والجسدية. هذه الجريمة لا تقتصر على تأثيراتها الفورية فقط، بل تمتد لتؤثر على حياة الضحية لفترة طويلة، ما يتطلب استجابة قانونية واجتماعية سريعة وفعالة.
وتكتسب خطورة جريمة هتك العرض أهمية خاصة في قانون العقوبات الأردني. وقد أظهرت الدراسات أن تأثيرات هذه الجرائم تشمل تدمير الثقة بالنفس وصدمات نفسية، ما يستدعي تكثيف الجهود لمكافحة هذا النوع من الجرائم وتعزيز برامج التوعية والدعم للضحايا.
هذا وتروي جدّة الطفل خلال استضافتها ما حصل للطفل، وتقول إن "حفيدها يقيم لديها في المنزل، وخلال فترة العطلة حصل على جهاز إلكتروني (تاب) وبدأ بعدها بمشاركة أبناء الحي اللعب إلكترونيًا، قبل أن تتفاجأ بأن أحد الأشخاص، وهو ثلاثيني، يستدرج الأطفال من خلال أبناء شقيقه الصغار".
وتضيف: "في يوم طلب مني طفل أن يلعب مع حفيدي، فوافقت شريطة أن يلعبوا لمدة 10 دقائق فقط، وبعدها اختفى صوتيهما من الحي، وعندما بدأت البحث عن حفيدي فوجئت بأن الثلاثيني خرج من مخزن، وعندما وجهت السؤال إليه عاد إلى المخزن وحرص على إغلاق الباب بالمفتاح ودعاني لمغادرة المكان، وهنا دار الشك في ذهني".
وواصلت حديثها: "وجدت حفيدي فسألته ما إن كان تعرض لأي فعل منافٍ للأخلاق، فأجاب بنعم، وهنا تقدمت بالشكوى لإدارة حماية الأسرة والأحداث في مديرية الأمن العام، الذين أخذوا بدورهم إفادة حفيدي. اللافت في الأمر هو أن الطفل كان طبيعيًا من الخارج لكنه كان يحرص على أن يغطي نفسه دائمًا. والجاني سمعت عنه أنه معتاد على مثل هذه الأمور مع الأطفال".
وتزيد: "تقدمنا بشكوى لدى المحكمة، ولكن للأسف الجاني حصل على البراءة لعدم كفاية الأدلة".