970 نوع مخدرات تفتك بالشباب... وتحذير صارم من خبيرَين
قال اللواء المتقاعد الدكتور عمار القضاة إن انتشار المخدرات وسطوتها جعل منها وباءً يمثل تهديدًا عميقًا يتحدى جوهر الكرامة الإنسانية، وسلامة المجتمع، والسيادة الوطنية.
وبيّن خلال حديثه للإذاعة الأردنية أن هذا الوباء يتسلل إلى كل طبقة من طبقات المجتمع، فيتسبب في تآكل روابطها من خلال التغذي على نقاط ضعف الأفراد فيها، مشيرًا إلى أنه لا يمكن النظر للمخدرات على أنها مجرد مجموعة من حالات الإدمان المعزولة، فهي مظهر من مظاهر اضطراب عالمي يستدعي التصدي له حتى لا يقوض أمن المجتمعات.
وذكر الدكتور القضاة أن العالم اليوم يعيش في قبضة المخدرات، فمع انتشار المخدرات ذات الأصل الطبيعي مثل المواد الأفيونية المشتقة من نبات الخشخاش، أو منتجات القنب المشتقة من الحشيش والماريجوانا، ظهرت أنواع اصطناعية ومخبرية مثل الميثامفيتامين الكريستالي، المعروف باسم "الجليد"، ما يمثل تطورًا مرعبًا في آليات تصنيع المخدرات، وتوزيعها.
وأردف أن التحول من المخدرات الطبيعية إلى المخدرات الاصطناعية يمثل تحولًا جوهريًا في مشهد المخدرات، ففي حين أن المخدرات الطبيعية، بأصولها القديمة وتأثيراتها المفهومة نسبيًا، تشكل مخاطر كبيرة، إلا أنها تستجيب لمسارات العلاج المحتملة إلا أن ظهور المخدرات الاصطناعية، ذهب بكل هذه المحاولات أدراج الرياح، خاصة مع وصول عدد أنواع المخدرات بشقيها الطبيعي والصناعي إلى نحو 970 مادة مخدرة في العالم.
وبالحديث عن الأعراض، فإن الأعراض الإنسحابية للمخدرات الطبيعية - وعلى الرغم من شدتها – إلا أنه يمكن إدارتها، والسيطرة عليها من خلال المسارات العلاجية المتخصصة، أما المخدرات الاصطناعية، فهي ليست أكثر قوة فحسب، بل إنها غالبًا ما تُمزج بمواد أخرى لتعزيز تأثيرها وتعظيم الأرباح، مما يؤدي إلى نتائج غير متوقعة ومميتة في كثير من الأحيان.
وبيّن الدكتور القضاة أن عواقب هذا التحول لا تقتصر على المستخدم الفردي؛ فأزمة المخدرات تتفاقم وتمتد إلى الخارج، فتؤثر على مجتمعات ودول بأكملها، مشيرًا إلى أن التكلفة الاقتصادية المترتبة على علاج إدمان المخدرات باهظة، والواقع أن الحجم الهائل من الأموال والموارد المطلوبة لمكافحة هذه القضية يؤكد على شدة الأزمة.
من جانبه، قال أخصائي الطب النفسي الدكتور عمر أسعد إن أزمة المخدرات تثير أسئلة عميقة حول السلوك الإجرامي والمسؤولية الأخلاقية، فهل يدرك مستخدم المخدرات، المحاصر في دائرة الإدمان، العواقب المترتبة على أفعاله؟... وإن كان الأمر كذلك، فهل يعفيه هذا الوعي من العواقب القانونية والأخلاقية للجرائم التي يرتكبها تحت تأثير المخدرات؟، مبينًا أن الدين والقانون أجابا على هذه الأسئلة، وغالباً ما يصلان إلى استنتاج مفاده أن الوعي لا يعفي المرء من الذنب.
وأكد أن الوصية الدينية التي تظهر في كثيرٍ من الآيات والمتحورة حول "لا تقربوا" تعمل كتحذير صارم ضد الانخراط في سلوكيات تؤدي إلى الأذى، ما يشير إلى أن هذا المبدأ يؤكد فكرة أن المسار المؤدي إلى الأذى هو ذنب مثل الضرر نفسه، وأن عواقب تعاطي المخدرات تمتد إلى ما هو أبعد من الفرد لتؤثر على المجتمع الأوسع.
من الناحية القانونية، ذكر أسعد أن المسؤولية الجنائية لا تتعلق بالعمل نفسه فحسب، بل تتعلق أيضًا بالنية والسلوك المسبب الذي أدى إليه، فالقانون لا يُقيّم فقط نتيجة الفعل ولكن أيضًا سلسلة القرارات والظروف التي أدت إليه، وهذا يثير أسئلة معقدة عندما يتعلق الأمر بالمرض العقلي... فهل يدفع المرض العقلي الفرد إلى تعاطي المخدرات، أم أن تعاطي المخدرات يؤدي إلى المرض العقلي؟.