عشرة أسطر في فقه عشاق "إسرائيل"
محمد ابو عريضة
من يقرأ التاريخ بحياد؛ وإن كانت فكرة الحياد طوباوية، بخاصة في حالتنا نحن، يكتشف من دون أدنى شك أن من يهاجمون إيران وحزب الله والحشد الشعبي وأنصار الله وسورية وطبعًا حماس والجهاد الإسلامي – محور المقاومة - هم أبناء وأحفاد من كانوا يهاجمون:
1: عز الدين القسام وفرحان السعدي وكل المشاركين في ثورة الـ 36، وقبلها ثورة البراق، وقبلهما كل من واجه الانتداب البريطاني: هم من العائلات الإقطاعية التي كانت مصالحها تحتم عليها التحالف مع السلطة، أي سلطة كانت، ابتداءً بالدولة العثمانية وليس انتهاءً بسلطة عباس، وقبلها سلطة الاحتلال الصهيوني، فالسلطة الأردنية وقبلها سلطة الانتداب البريطاني. طبعًا لهؤلاء أعوان من العامة - من غير الإقطاعيين -، بعضهم يعمل معهم بأجر، وآخرون مرعوبون، لكن أغلبية الأعوان من أولئك الذين يبيعون ويشترون ويزرعون ويحصون مع هؤلاء، مصالحهم الضيقة مرتبطة مع الإقطاعيين والتجار.
2: هم أو أبناءهم هاجموا عبدالناصر، واشتغلوا ضده، وضد خياراته. ولعل فرحتهم بموته، وقبلها بهزيمته عام 1967، يؤكد أن خياراتهم، كما خيارات الذين سبقوهم: التحالف مع السلطة بغض النظر عن ماهيتها، حتى لو كانت سلطة احتلال أو عينها الاحتلال أو يحملها الاحتلال وتعمل لصالحه.
3: هم أو أبناءهم أو أحفادهم، هاجموا منظمة التحرير الفلسطينية حينما تأسست عام 1964، فهاجموا أحمد الشقيري، ومن ثم من جاء بعده إلى أن سيطرت فتح على المنظمة عام 1968، وأصبح ياسر عرفات رئيسها. بغض النظر عن مآلات عرفات، فقد ظل على مدى عقدين أكثر من يتعرض لهجوم من قبل هؤلاء وأبائهم وأحفادهم، ناهيك عن باقي قادة المنظمات الفلسطينية، ولا سيما جورج حبش.
4: ظل هؤلاء يهاجمون أنور السادات حتى عام 1975، أي إلى ما قبل الإعلان عن قرار فك الاشتباك الثانية، الذي بموجبه فهم هؤلاء، وطبعًا فهم "الكيان الصهيوني"" وأدركت أمريكا أن حرب أوكتوبر آخر الحروب بين مصر و"الكيان". الغريب أن السادات تحول بين ليلة وضحاها أحد ابطال هذه الفئة، أصبحوا يؤيدونه ويدافعون عنه، ويعتبرون خياراته، بخاصة اتفاقية "كامب ديفيد"، أهم من فتح مكة.
5: هاجموا سورية وحافظ الأسد، ولا سيما بعد أن تمايز موقف الأسد عن موقف السادات في مفاوضات فك الاشتاك في الجبهة الشمالية، وتبين لهؤلاء أن الأسد ليس كحبيبهم السادات، وان سورية لن تكون الحضن الدافىء لهم. الغريب أن هؤلاء أنفسهم هللوا لسورية، واعتبروا حافظ الأسد رجلًا شجاعًا وبطلًا قوميًا، حينما شاركت سورية في "حفر الباطن"، وبعدها شاركت في مؤتمر مدريد وبدأت تفاوض "الكيان الصهيوني".
6: هاجموا العراق وصدام حسين، ولا سيما بعد عام 1990، صحيح أن هذه الفئة هللت للعراق ولصدام، ونظمت له القصائد وغنت له الأغاني والعراق مشتبك في الحرب مع إيران، لكن العراق وصدام حسين أصبحوا بين ليلة وضحاها من أعدائهم، بمجرد أن طرح فكرة أن ثروات الأمة للأمة، وليس لفئة من الأمة – بغض النظر عن موافقتنا أو رفضنا لاحلال الكويت -. الأغرب أن بعض هؤلاء هاجم العراق بشراسة، حينما طرحت الحكومة العراقية فكرة بيع النفط بعملة غير الدولار – أليس غريبًا هذا الموقف من هؤلاء، كأن الدولار ابن عمهم أو من باقي أهلهم -. الأغرب أن هؤلاء كانوا يتألمون والصورايخ العراقية تسقط فوق "تل أبيب"، كأنها كانت تسقط فوق رؤوسهم.
7: هللوا لمن جاء على دبابات الاحتلال الأمريكي والقوات الأمريكية تحتل العراق، وتدخل بغداد، واعتبروا من شارك في حكومة "بريمر" واقعيًا، وأيدوه، لكن، فيما بعد، بعد أن بدأت الأوضاع في العراق تتغير، وتشارك قوى عراقية في مهاجمة القوات الأمريكية المحتلة، وتضرب القواعد الأمريكية بعد طوفان الأقصى، وتطلق الصورايخ على "الكيان الصهيوني" أخذوا يهاجمون هذه القوى، ويقولون إن هذه القوى "شيعية".
8: إيران كانت دولة صديقة لهؤلاء، ولم تكن دولة "شيعية" أيام الشاه، الذي كان صديقًا لأمريكا ولـ "الكيان الصهيوني"، لكن ما أن سقط الشاه، وجاء آخرون إلى الحكم، ليسوا أصدقاء لأمريكا ولا لـ"الكيان"، هاجموا إيران.
9: دعموا الإخوان المسلمين حينما اصطدم الإخوان مع الحكومة السورية في حمص وحماه مطلع الثمانينات، وأيدوهم بعد بدء ما أطلق عليها "الثورة السورية" – المؤامرة على سورية -، واعتبروا حماس صديقة لهم، حينما أخذت موقفًا ضد سورية، ورفع أحد قادتها علم الانتداب الفرنسي ذا النجوم الثلاث، لكن الغريب أن حماس نفسها تتحول إلى شيطان رجيم، وهي تقارع المحتل الصهيوني، وتواجهه. لاحظوا المشهد الغريب "فانتازيا"، واحد من هؤلاء يؤيد حماس وهي تقف مع ما يسمى "الثورة السورية"، وفي العام نفسه "2014"، هو نفسه يهاجم حماس لأنها تواجه "الكيان الصهيوني".
10: أنصار الله أو "الحوثيون"، كانوا حبايب هؤلاء حينما كان الإمام البدر يحكم اليمن، بل إن هذه الفئة بقضها وقضيضها – دول وأفراد وعائلات وجماعات – وقفت ضد الثورة على الإمام البدر، ودعمته في مواجهة الثورة والجيش المصري، لكن فجأة يصبح "الحوثيون" جماعة خارجة عن الملة "زيدية" وجب محاربتها، لأنها رفعت شعر: الموت لأمريكا ... الموت لإسرائيل.