من يجب أن يقلق من عودة ترامب؟

{title}
أخبار الأردن -

 

د. محمد المومني

بعد انسحاب بايدن ودخول هاريس على سباق الرئاسة في الولايات المتحدة كممثلة للحزب الديمقراطي، تعقدت المنافسة وبات من غير الممكن توقع من سيكون الرئيس القادم للولايات المتحدة. هاريس خلّصت الديمقراطيين من عقدة شيخوخة بايدن وعدم تركيزه، لكنها تجلب معها القليل من الخبرة في الشؤون الدولية، وكارزما ليبرالية قد تثير ملاحظات الوسط من الناخبين. حظيت هاريس بدعم المفاتيح من القادة للحزب الديمقراطي وكانت تصريحاتها ذكية موجهة للداخل عندما التقت بنتنياهو حاولت استمالة الأميركيين العرب في الولايات المتأرجحة والحاسمة في الانتخابات. ترامب بالمقابل ما يزال القائد القومي والشعبوي الحاسم للحزب الجمهوري، ولكنه يواجه مواجهة شرسة من الديمقراطيين لعديد من الأسباب يحاول التخلص منها، مثل تركيزه على أنه مجمع وموحد للأميركيين وليس مقسما لهم، في إدراك منه كم أخاف ذلك جمهور الناخبين وحث كثيرين على التصويت ضده.

 إن فازت هاريس، فالتوقعات أنها ستسير على نفس خطى بايدن بالسياسة الخارجية، وإن كان بدرجة مهارة أقل من تلك التي أظهرها بايدن بحكم خبرته، وهاريس ليبرالية داعمة لا شك لإسرائيل ولكنها تنفر من يمينها المتشدد. أما إن فاز ترامب، فالأرجح أنه سيكون عازما ضمن خطوات يمكن التنبؤ ببعضها وليس كلها.
أول المرحبين بقدوم ترامب ستكون دول الخليج، التي بنت علاقة جيدة معه ابان فترته الأولى، وقد اقترب منها كثيرا عندما ألغى الاتفاق النووي الإيراني. هذا الاقتراب حدث بالرغم أن ترامب لم يصدق بالدفاع عن الخليج أمام هجمات الحوثي ومليشيات إيران. روسيا والصين ستكونان مرتاحة لترامب لأنه لا يكترث بالدفاع عن الحلفاء مثل أوكرانيا وغيرها ولا مشكلة لديه بذلك ولن يقاوم أو يواجه ما لا يعتبره شأنا أميركا ولتقم أوروبا بذلك. ولهذا السبب ذاته أوروبا لن تكون مرتاحة لترامب.

أما أشد الخائفين من عودة ترامب فهو نتنياهو الذي اعتبره الرئيس الأميركي السابق غير مخلص ولا مقدر للكثير الذي قدمه لإسرائيل. ترامب يعتبر أن ما قدمه لإسرائيل ونتنياهو غير مسبوق من قبل أي رئيس أميريكي وتوقع تقديرا لذلك، ليتفاجأ بجحود نتنياهو. ترامب ناقد علني لما يقوم به نتنياهو في غزة يعتبر أنه ضحى بسمعة إسرائيل الدولية، وأنه فاشل بالفوز بالحرب، وعليه فأشد الخائفين من عودة ترامب هو نتنياهو.


نحن في الأردن لدينا علاقات مؤسسية إستراتيجية مع الولايات المتحدة، نختلف معها خلاف الأصدقاء، وأوضح خلاف لنا مع أميركا هو ملف القضية الفلسطينية، وفي أشد لحظات الضغط الأميركي إبّان صفقة القرن، رفضها الأردن، وقال بوضوح لأميركا إن هذه الصفقة تضر ولا تحقق مصالح الأردن الإستراتيجية ولا يمكن أن نوافق عليها. احترم الأميركيون موقف الأردن السيادي، ووقع ترامب على مذكرة التفاهم والمساعدات الأميركية حتى عندما كان الأردن لا يقبل سياسة صفقة القرن، وذلك مثال واضح على عمق وإستراتيجية العلاقة بين الأردن وأميركا، لذلك فبالنسبة للأردن أيا كانت الإدارة الأميركية فالمؤسسية تتغلب على تباين أو تعارض بالرأي.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير