دانة زيدان: عاصمة النور.. إفكٌ وزور..

{title}
أخبار الأردن -

  دانة زيدان

هل حقاً تستحق باريس لقب مدينة النور بعد كل الظلام الذي حمله الأولمبياد الفرنسي ابتداءً من السماح لمنتخب الاحتلال الملطخ بالدماء بالمشاركة في المنافسات، مروراً بمنع وزيرة الرياضة الفرنسية اللاعبات الفرنسيات من ارتداء الحجاب، وانتهاءً بالمشاهد السافرة التي تحاول فرنسا بكل فجاجة تطبيعها، وتصديرها، وتلقيمها للعالم؟ تجاهلت فرنسا كل المطالبات الجماهيرية بمنع فريق الاحتلال من المشاركة في هذه الدورة كما حصل مع روسيا.

وتجاهلت أيضاً المطالبات المؤسساتية بإعطاء اللاعبات حرية اختيار لبس الحجاب من عدمه، حتى أن منظمة العفو الدولية أعلنت رسمياً بأن فرنسا هي الدولة الوحيدة التي تفرض قوانين تحظر على اللاعبات ارتداء غطاء الرأس. ليس هذا فقط، بل ضربت القيم الإنسانية والأخلاقية عرض الحائط باختيارها لإفتتاح المونديال بتلك المشاهد المُنفّرة.

حاول المدير الفني لحفل افتتاح الأولمبياد الباريسي الدفاع عن العرض أمام ردود الفعل الغاضبة من تعمد السخرية من المسيحية والترويج للمثلية وإقحام طفلة في هذه المشاهد، قائلاً بأن الفكرة وراء العرض هي رغبته بإظهار فرنسا بتنوعها. مضيفاً في مؤتمر صحفي رسمي للأولمبياد: “في فرنسا، لدينا الحق بأن نحب بعضنا البعض، أن نحب كيفما نريد، ومع من نريد. في فرنسا لدينا الحق بأن نؤمن أو ألا نؤمن”.

 يدفعنا هذا التغني “بالحريات” و”التنوع” للتساؤل هل الحرية الفرنسية تقتصر على الشطط بإعلان المثلية وفرضها على المشاهد والسخرية من الديانات والانبياء؟ أليس منع اللاعبات الفرنسيات من المنافسة بالأولمبياد بغطاء الرأس يتعارض مع أبسط قواعد الحرية التي تغنى بها الأولمبياد كما يزعمون؟ وهل التنوع يشمل مجرمي الحروب ويستثني النساء المسلمات المحجبات؟ أثار العرض الافتتاحي غضب الكثير حتى في الداخل الفرنسي مثل السياسية اليمينية عضو البرلمان الأوروبي ماريون ماريشال والتي نشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي قائلة بأن حفل الافتتاح لا يمثل فرنسا بل “أقلية يسارية مستعدة لأي استفزاز” مضيفة وسم “ليس باسمي”. 

المثير للسخرية بأن ماريون ماريشال سبق وأن عارضت الاعتراف بالدولة الفلسطينية قائلة بأن هذا الاعتراف “يزيد من تأجيج معاداة السامية” وسيكون بمثابة خلق “دولة إسلامية تمثل خطراً لإسرائيل وللغرب بشكل عام”. 

يبدو بأن ماريون ماريشال التي أغضبتها السخرية من لوحة العشاء الأخير نسيت بأنه لو قدر لسيدنا المسيح – الذي يمثل نضالنا المستمر من أجل الحرية- أن يعود اليوم لكان يحمل جواز هذه الدولة الفلسطينية التي ترفض الاعتراف بها! فلا بد من تذكيرها وتذكير كل من شعر بالإهانة من قيام فرنسا بالسخرية من المسيحية بينما صمت صمتاً مطبقاً أمام الحرب على غزة بأن سيدنا المسيح فلسطيني وهذه حقيقة تاريخية ثابتة في وجه كل المحاولات الساعية لمحو وجودنا، وبأن

 الفلسطيني الذي يواجه الطغيان الصهيوني الغربي اليوم هو حفيد يسوع الذي بشر بالتحرر والعدالة في وجه الطغيان الإمبراطوري! بالنهاية ليس هناك مشاهد أكثر خدشاً للحياء من جلوسنا في منازلنا بينما تُباد غزة عن بكرة أبيها على مرأى ومسمع منا جميعاً. (وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ).

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير