ما هي سيناريوهات الرد الإسرائيلي على عملية مجدل شمس؟

{title}
أخبار الأردن -

الدكتور عمر الرداد

سقط صاروخ على بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل،يوم السبت الماضي، وأسفر عن مقتل "12" طفلا من سكان المنطقة، وغالبيتها من الطائفة الدرزية، وقطع وقطع رئيس الحكومة الإسرائيلية "نتنياهو " زيارته إلى أمريكا وعاد الى تل أبيب مسرعا، وحصل مع وزير دفاعه على تفويض من المجلس الوزاري المصغر لإختيار كيفية الرد على الهجوم، وخلال ذلك تواصل إسرائيل تبادل إتهامات مع حزب الله حول مصدر الصاروخ، ففي الوقت الذي أكد فيه حزب الله أن الصاروخ من أخطاء القبة الحديدية الاسرائيلية، أكدت إسرائيل ومعها لاحقاً الولايات المتحدة أن حزب الله هو المسؤول عن إطلاق الصاروخ، للدرجة التي تم فيها تحديد من أصدر أمر الإطلاق من كوادر حزب الله ونوع الصاروخ.

من وجهة نظر إسرائيلية وأمريكية،فلم يعد لتبادل الاتهامات قيمة، حيث أن حزب الله هو المنفذ للهجوم، وأن الرد قادم لكن" إسرائيل هي من يحدد حجمه وزمانه وأهدافه"،وتدل المؤشرات على أن إحتمالات الحرب الاقليمية مع الرد الاسرائيلي ورد حزب الله تبدو واردة، لكن في الوقت نفسه فإن التهديدات المتبادلة تشير الى أننا ربما نكون امام سيناريو اخر، يجري العمل على إنجازه،عبر مفاوضات سرية، بتوجيه ضربات نوعية تستهدف" البنية التحتية مثل الجسور ومحطات الكهرباء والموانئ"،بالاضافة لضرب مستودعات أسلحة لحزب الله واستهداف قيادات من الحزب،وتعطيل طرق الإمداد اللوجستي له من سوريا بضرب طريق دمشق- بيروت الدولي، وتؤكد إسرائيل أنها ستكون ضربات نوعية لن توقع خسائر بالمدنيين، ولن تجر المنطقة لحرب إقليمية شاملة، وهو ما تحذر منه واشنطن، ولكي تكتمل صورة السيناريو، بادرت أوساط أوروبية بوقف الرحلات الجوية إلى بيروت، ونقل رعايا من لبنان الى الخارج.

من الواضح أن إسرائيل تدرس خياراتها جيدا،في ضوء رد حزب الله المحتمل، بما في ذلك التهديدات التي صدرت من قيادته بأن أية ضربة له وكوادره ومقراته ستقابل منه بتوجيه ضربات لتل أبيب والقدس،ويبدو ان تل ابيب وببتنسيق مكثف مع واشنطن تدرس اجترار سيناريو مقتل قاسم سليماني" قائد فيلق القدس" حينما طلبت إيران توجيه ضربة "منسقة"لقواعد امريكية في العراق،وفقا لما صرح به الرئيس "ترامب" ويبدو أن نتنياهو اليوم بانتظار نتائج إتصالات بين واشنطن وطهران "عبر وسطاء" للاتفاق على حدود الضربة التي ستنفذها إسرائيل، دون أن تستدعي ردا من حزب الله يصل لضرب اهداف في العمق الاسرائيلي، ولا يؤدي الى إشعال حرب إقليمية في المنطقة.

هذا السيناريو ربما يحتاج لمعلومات"حقائق مؤكدة" غير متوفرة يتم تداولها في الغرف المغلقة بعواصم الوساطة،،لكن الإحتفاظ بقواعد الاشتباك بين إسرائيل وحزب الله" ضربة مقابل ضربة"،منذ انطلاق طوفان الاقصى في " السابع من أكتوبر 2023"، ورغم خروقات بعض تلك القواعد من قبل الجانبين، تؤكد الأهمية الاستراتيجية لحزب الله بالنسبة لايران،وان ايران على الأغلب لن تسمح بأن يخوض حزب الله حربا طاحنة مع إسرائيل من أجل غزة، فحينما أطلقت ايران مسيرات وصواريخ على إسرائيل في اوائل نيسان الماضي، لم تطلق من جنوب لبنان الأقرب لاسرائيل والاكثر تاثيراً، كما أن حماس من وجهة النظر الإيرانية، تحقق نجاحات متتالية ضد إسرائيل، وهي قادرة على الصمود.

ومع ذلك،فان هذا السيناريو يبقى أحد السيناريوهات البارزة التي تؤيدها كيفيات إدارة الصراع بين إسرائيل وإيران عبر الوكلاء في المنطقة، ومن بين أبرز عناوينها خطابات إعلامية متشددة، وضربات منسقة متبادلة، تستفيد فيها إيران من مقاربات "الليونة" الامريكية على الصعيد السياسي، ومقاربة "الردع" العسكرية، وهما المقاربتان التي تم تنفيذهما بعقد واشنطن لصفقات مع إيران، تحت عناوين مختلفة من بينها "تبادل المحكومين" فيما كانت ضربات" الردع" التي تم توجيهها لمليشات موالية لإيران، من بينها جماعة الحوثي اليمنية، وفصائل الحشد الشعبي العراقي،ولا يتوقع أن تتجاوز الضربات الإسرائيلية الموعودة لحزب الله مقاربات "الردع" الامريكية، والتي تعني الإلتزام بقواعد الاشتباك وادامته بين الجانبين، خاصة من قبل نتنياهو، الأكثر عناية باستمرار الحرب والتصعيد لأسباب حزبية وشخصية بالنسبة له.

وفي السياق، يبدو ان هذه المقاربات التي تحولت لظواهر متكررة بين" امريكا،اسرائيل وايران"أصبحت "مكشوفة" للجانب العربي، وتحديدا الحكومات التي ترتبط بعلاقات"وثيقة" مع واشنطن، حيث تم وقف صفقات مبيعات اسلحة لبعضها " الامارات والسعودية" وتم إزالة الحوثي عن قائمة الإرهاب ثم إعادته، فيما حجم خسائر قناة السويس المصرية وميناء العقبة الأردني من قرصنة الحوثيين في البحر الأحمر أكبر بكثير من حجم الخسائر الإسرائيلية، وبالتزامن تهاجم واشنطن وتل أبيب طهران اعلاميا وتعقدان معها صفقات، وهو ما يفسر إكتفاء غالبية الحكومات العربية بالدعوة لعدم التصعيد في المنطقة والتحذير من حرب شاملة.

تابعوا أخبار الأردن على
تصميم و تطوير