الأرض والغليان القادم!

{title}
أخبار الأردن -

  خالد دلال

يبدو أن البشرية عاجزة عن التعامل بمسؤولية وجدية وواقعية مع ما يؤجج ظواهر التغير المناخي، وأضحت، بتقاعسها، في مهب الريح مع الارتفاعات غير المسبوقة في درجات الحرارة حول العالم، وما ستجره من كوارث مناخية قادمة لا محالة في حال استمرار هذه الارتفاعات الجنونية، التي كان آخر فصولها ما تم تسجيله من أرقام قياسية تاريخية في الثاني والعشرين من الشهر الحالي.


لنحذر جميعا... ها هو مرصد كوبرنيكوس، التابع للاتحاد الأوروبي، يؤكد "أن الأرض قد شهدت فعلا في 22 تموز/ يوليو الحالي، اليوم الأكثر دفئا في التاريخ الحديث، حيث وصل متوسط درجة الحرارة العالمية اليومية إلى مستوى قياسي هو 17.15 درجة مئوية".


وهذا يفسر ما شهدته مدن عديدة في العالم، خلال الأيام والأسابيع الماضية، من موجات حر قاسية تراوحت بين الأربعينات والخمسينات في الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا ودول الشرق الأوسط وغيرها من دول العالم، وما نتج عن ذلك من حرائق غابات وغزارة في الهطول المطري وأعاصير شديدة وفيضانات مهلكة وذوبان للجليد في قطبي الأرض وظروف جوية متطرفة في مختلف أرجاء المعمورة، كان آخرها إعصار غايمي المدمر الذي ضرب تايوان والفلبين ثم الصين هذا الأسبوع.


حتى أن الأمر دفع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى إطلاق "دعوة عالمية للعمل من أجل الحد من ارتفاع درجات الحرارة"، محذرا من أن "درجات الحرارة القصوى أصبحت الآن قضية عالمية مستمرة وليست حوادث معزولة".


الحل لكل ذلك يعلمه الجميع ولا داعي لعلماء وخبراء المناخ ليدلوا بدلوهم، ويكمن في تخلص البشرية من مختلف مصادر الوقود الأحفوري وإطلاق العنان للاستثمار في الطاقة المتجددة، لكن يبدو أن الوقت يداهم الجميع مع التقاعس الدولي عن التنفيذ الفعلي والعاجل لذلك منذ سنوات طمعا في موارد الأرض، هذا مع الارتهان فقط، في معظم الأحيان، للتصريحات غير الملزمة من دول العالم وقادته. أضف إلى ذلك فشل العالم في جمع الأموال اللازمة، التي تقدر بتريليونات الدولارات، لمواجهة مخاطر التغير المناخي.


لا بد من التزام دول العالم بتنفيذ بنود اتفاقية باريس، التي أبرمت في العام 2015، "بحيث لا تزيد درجة الحرارة حول العالم، على المستويات الحالية، على 1.5 درجة مئوية"، وكل ذلك عبر العمل الجاد وصولا إلى الحياد الكربوني عندما يتعلق الأمر بانبعاثات الغازات الدفيئة (ثاني أكسيد الكربون والميثان تحديدا).


على الجميع إدراك أن درجات الحرارة حول العالم تتفاقم بشراسة، وقد شكل تموز (يوليو) الحالي الشهر الرابع عشر على التوالي لتسجيل حرارة أعلى مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي وما قبله، وهذا قد يؤدي إلى أن يكون العام 2024 الأكثر سخونة منذ 100 عام، وقد يكون أكثر.


نحن فعليا أمام مفترق طرق: إما أن نتجاهل قوانين الطبيعة الصارمة ونستمر في استنزاف مواردها بطريقة جائرة ستؤدي إلى هلاكها وهلاكنا معها، أو نتحرك ونقف صفا واحدا لحماية مستقبل الأرض ومستقبل وجودنا قبل كل شيء.


الأرض تغلي وسنغلي معها قريبا. لنعمل جميعا لنتجنب الجحيم المناخي القادم إن أسعفنا الوقت قبل كل شيء.


 

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير