الشجاعة والإعداد
أبراهيم أبو حويله
ان ذهبت تريد القضاء على عدوك بقوتك ، وكان هو صاحب تخطيط وعلم ودراسات واستراتيجيات ، فقد وقعت كما قال كولت ضحية لشجاعتك ، ألم يقل عندما صنع مسدسه المشهور الآن تستوى الشجاعة والجبن ، فماذا يستطيع ان يصنع الشجاع مع دبابة او طائرة او هذه الصواريخ التي تحرق الأخضر واليابس ولا تعرف حجرا ولا بشرا .
نعم نعتز بالشجاعة ونشجع عليها ونربي عليها ، ولكن لم ينتصر القادة يوما بالشجاعة وحدها ، فهذا سيف الله المسلول ، يدرس العدو والأرض ويعرف ما عنده وما عند عدوه ، ويضع الخطط التي تناسب كل أرض وكل عدو وكل معركة ، أذا هو أخذ بالسنن التي وضعها الله في الأرض لتحقيق النصر فانتصر .
وعد إلى كتب التاريخ واقرأ ما صنعه الأبطال حتى ينتصروا ، فهذا الأسكندر وهنيبعل ورسولنا صلوات الله عليه ألم يعد العدة لكل معركة على حده ، وألم يقل ابو سفيان لهرقل بأنه ينتصر ويخسر ، وفي أحد وفي حنين تلك الغزوة التي غرّ الصحابة فيها عددهم وقوتهم فلم تنتصر إلا الفئة القليلة الصابرة المحتسبة التي نذرت نفسها لله ودفاعا عن رسوله .
وخذ ما صنع القادة ببلدانهم في مواجهة هذه الألة المتغطرسة ، التي صنعتها قوة جبارة وظفت الإنسان والعلم والفكرة في سبيل تفوق الويلات المتحدة ، امريكا ربما تجاوز الخوف من امريكا حدوده ، ولكن للأسف ما تصنعه امريكا في العالم يحتاج إلى وقفة وفكرة واتحاد وعلم وعمل ، والا دفعت ثمن هذه الغطرسة ، ففي كل معركة حاسمة كان لها الحسم هذه المنحوسة ، حرب عالمية وحروب متفرقة هنا وهناك .
ولكن عزيمة وصبر الشعوب المغلوبة استطاعتا أن يقلبا الطاولة على المحتل ، واستطاعت هذه الشعوب ان ترفع فاتورة الإحتلال ، ولكن الثمن كان مرتفعا في افغانستان والعراق وقبلها في فيتنام ، نعم نريد قائدا مثل هوشي منّه رفض الخضوع والإستسلام بل رفض حتى التفاوض مع الأمريكان إلا عندما يخرجون ، لقد كانت طائرات بي 52 تحرق الأرض والأنسان والزرع ، ولكنه رفض الإستسلام حتى يخرج الأمريكان من أرضه ، وكان له ما يريد .
ولذلك كانت النتيجة هنا هي ان تفهم هذا العدو ونقاط قوته وضعفه ، وتسعى لأن تحيد هذه وتجعل تلك بلا فائدة ، وتحرمه من نقاط قوته ومن الفائدة التي يسعى لتحقيقها ، وتعظم خسائره عبر مواجهة دائمة طويلة مكلفة ، نعم خسارتك ستكون اضعافا مضاعفة في المواجهة المباشرة ، ونعم ستكون المواجهة غير المباشرة طويلة الأمد بطيئة النتائج .
ولكن من نظر بعين التاريخ والإستقراء والحكمة أدرك أن النصر لم يكن حليفا لأولئك الذين يستعجلون بل لأولئك الذين يستعدون ويصبرون .