إنجاز طبّي لبناني جديد ينقذ حياة طفل حديث الولادة
فيما تبدو الأخبار المرتبطة بالأزمة مسيطرة في السنوات الأخيرة، تأتي تلك الأخبار التي تتعلق بإنجازات تتحقق في لبنان لتشكل فسحة أمل تعيد الفرحة إلى قلوب اللبنانيين. وعلى الرغم من أن الأزمة طالت مختلف القطاعات
وتسببت في خلل فيها، استطاع القطاع الطبي في لبنان الصمود فاستمر في تحقيق الإنجازات التي تؤكد إمكانات طواقمه والكفاءة العالية التي تتميز بها. إنجاز طبي جديد يضاف إلى سجل القطاع الصحي في لبنان
تحقق بأول عملية معالجة ثقب شريان الصلة لطفل ولد قبل أوانه، في لبنان والمنطقة.
ولادة مبكرة ومضاعفات
اضطرت والدة الطفل المعني إلى الخضوع لعملية ولادة مبكرة في مستشفى أوتيل ديو دو فرانس وولد طفلها بوزن لا يتعدى 1,3 كيلوغرام. وسرعان ما تبين أنه يعاني من وجود ثقب في شريان الصلة لديه الذي يصل شريان
الأبهر بشريان الرئة. وفق ما أوضحه طبيب القلب للأطفال في مستشفى أوتيل ديو دو فرانس زخيا صليبا، في حديثه مع "النهار العربي" وجود هذا الشريان ضروري قبل الولادة لكن وجوده يكون مزعجاً بعد الولادة عندما يكون
مفتوحاً. وهي حالة من الممكن أن تكتشف في سن مبكرة فتجرى عندها عملية تسكيره بالقسطرة بعد عمر
السنة دون جراحة
.
لكن لدى الخدج تكون المشكلة أكثر صعوبة بكثير عندما يكونون دون وزن الثلاثة كيلوغرامات، وفق ما يوضحه صليبا. إذ يسبب هذا الشريان لديهم عندها قصوراً في وظيفة القلب وفي وظائف عديدة في الجسم كالرئتين
والدماغ والكلى، خصوصاً أنه عموماً يكون لدى الخدج أعضاء غير مكتملة أصلاً. وفي حال عدم ثبات شريان الصل، أي عندما لا يكون بحالة طبيعية، يزيد الوضع سوءاً ويؤثر على كل الأعضاء الباقية ولا بد من التدخل لتسكيره بما أن تركه يهدد حياة الطفل. بالفعل، هذا ما حصل مع الطفل المعني، حيث تدخل صليبا مع فريق من الأطباء
المتخصصين في مختلف المجالات المعنية لإجراء العملية بالقسطرة التي تجرى للمرة الأولى في لبنان والمنطقة لطفل بهذا الوزن الصغير وبهذه الفئة العمرية. كما أنها تجرى في مراكز محدودة في العالم أيضاً. علماً أنه كانت
هناك محاولة لتسكير الشريان بالعلاج، كما من الممكن أن يحصل. لكن هذا العلاج مكلف جداً وغير متوافر بسهولة وله آثار جانبية عديدة. كما أن فاعليته محدودة. ولدى تجربته لم ينجح العلاج في تحقيق الهدف، كان من الضروري
إجراء العملية بالقسطرة بما أن الجراحة تشكل خطورة قصوى على حياته، فيما ترك الشريان على حاله يمنع نمو الرئتين، ما يلزم بإبقاء الطفل على الأوكسيجين في المستشفى، مع ما لذلك من مضاعفات يمكن أن تؤثر على
الرئتين وعلى الدماغ بسبب جهاز التنفس الاصطناعي. وبالتالي لم يكن من الممكن ترك الطفل على حاله.
اختيار وحيد
كانت العملية بالقسطرة الاختيار الوحيد المتاح لإنقاذ حياة الطفل. وفي هذه الحالة يوضع جهاز صغير لتسكير الشريان، وكانت عملية دقيقة جداً ولكن ناجحة بفضل تضافر الجهود. حتى أنه في اليوم التالي كان من الممكن
إزالة جهاز التنفس الاصطناعي للطفل وعندما بلغ الوزن المناسب تمكن من مغادرة المستشفى. يؤكد صليبا أن هذا الإنجاز يعطي أملاً للأهل والذين لهم أطفال بهذا الوزن ويعانون حالة مماثلة. فأصبح من الممكن إنجاز مثل
هذه العملية على يد طبيب مختص ذي خبرة وإلمام بمثل هذه الحالات، وفي مركز طبي مجهز لمثل هذه الحالات.