القضاة: تعديلات الخدمة المدنية "مجحفة وشلفقة وكان الله في عون الوطن"

{title}
أخبار الأردن -

غادة الخولي 

قال خبير الموارد البشرية ومدير مديرية الموارد البشرية الأسبق في وزارة التخطيط والتعاون الدولي، الدكتور محمد القضاة، إن الشعب الأُردني استفاق قبل أيام على كارثة إدارية يقال إنها جاءت لإصلاح أنظمة الموارد البشرية، وكان من بين ما أُعلن عنه في هذه الإصلاحات آلية التعيين، والحد من الإجازة بدون راتب للعمل خارج وداخل المملكة، وكذلك إلغاء ما يُسمى بالترفيع الجوازي.

وأوضح القضاة في حديث لصحيفة أخبار الأردن الإلكترونية، أن العمليات الجراحية لإصلاح القطاع العام الحكومي قديمة جداً ولم تكن جادة في معظم الأحيان، لافتاً إلى أن المُتابعين لهذا الشأن يعلمون بأن معظم الخطط الرامية إلى ذلك كانت "شلفقة بشلفقة" ومُجرد عنتريات لا تُسمن ولا تُغني من جوع.

وأردف أن التعديلات للأنظمة والتعليمات الخاصة بأنظمة الموارد البشرية ومنها نظام الخدمة المدنية كانت في معظمها تعديلات مبنيّة على إحساسات وتنفيعات شخصية ولم يقم بها أصحاب الاختصاص ولا حتى تمت استشارتهم فيها، باستثناء التعديلات التي تمت عام 2006، حيث تم توزيع مسودة النظام على أصحاب الاختصاص والوزارات والدوائر الحكومية وتم إجراء تعديلات جوهرية نالت استحسان الجميع.

فيما يتعلّق بموضوع الإجازة بدون راتب والعلاوات، أفاد القضاة أنها كانت في الأنظمة السابقة سبع سنوات وتم تعديلها لعشر ثم أصبحت مفتوحة؛ والتعديل الأخير هنا وفق رأيه كان خطأً قاتلاً، وجاءت شهقة الإصلاح الأخيرة لتنقض كل ما كان وتحددها بثمانية شهور طيلة خدمة الموظف.

وتابع أن هذا الأمر يعني حرمان الموظفين والوطن من ملايين الدنانير سنوياً وعودة معظمهم من إجازاتهم هم وعائلاتهم، مما سيرتّب أعباءً كبيرة عليهم ويقضي على طموحاتهم وآمالهم في حياة كريمة.

وقال إن حُجة من سَلَق الموضوع كانت بأنه لا يجوز حجز شاغر لموظف، والأصح بأن الأنظمة المتعاقبة سمحت بالتعيين على وظائف بدل المجاز والمعار، وهذا يعني أيضاً زيادة حجم البطالة المُتفاقم أصلاً والذي ينذر بخطرٍ لا يعلمه إلا الله، مشيرا إلى أنه قد تجاوزت النسبة اليوم ما يزيد عن 21% وفق النسب الرسمية، كما أن مخزون الديوان فيه ما لا يقل عن نصف مليون متعطّل.

وفيما يتعلق بالترفيع الجوازي، بيّن القضاة أنه قد كان للمتميزين وبنسبة 6% من أعداد الموظفين الذين يجوز ترفيعهم، ثم تم رفع النسبة إلى 8% تحفيزاً للموظفين، ثم جاء التعديل الأخير ليجهض كل طموحات الموظفين في الترفيع وليطلع علينا بعضهم ليقول بأن الترفيع الجوازي من صلاحية الوزير وتم إلغاؤه، لافتا إلى أنه بالأصل من الصلاحيات الممنوحة للجنة الموارد البشرية في الدائرة وفقاً لنص النظام، "وهذا يعني قتل أمل من كان يحلم بالترفيع لدرجة أعلى بناءً على إنجاز أو كفاءة، وفيه أيضاً من الضرر المادي والمعنوي ما فيه، وخاصة من كان يحلم بالترفيع للدرجة الخاصة"، وفق قوله.

ونوّه القضاة أن التغنّي بالإصلاحات الأخيرة بأنها تمّت بأيدي أردنية يعيب هذه الأيدي، فالأردني بطبعه لا يحب الضرر بالغير، والمواد المضرّة معروفٌ أصحابها وعرّابيها، مرجحاً بأنها فئة بعيدة كل البعد عن التطوير والتحديث لمنظومة الموارد البشرية والتنمية والتطوير والتحديث.

وأكد على وجوب إعادة النظر بكافة المواد الضارة المُضرّة حتى لو تم إقرارها وسارت بجميع مراحلها الدستورية، ففيها من الضرر ما فيها، وفيها سماً بالدسم، "وكان الله في عون الوطن".

وأضاف القضاة: "إننا اليوم مطالبون جميعاً بأن نقف مع مصلحة الموظفين في القطاع العام وأن لا ندع مثل هذه التعديلات التي فيها من الضرر ما فيها أن تمر مرور الكرام، وأدعو من هذا المنبر جميع المتخصصين في شؤون الموارد البشرية أن يقدموا ما يُمليه عليهم ضميرهم تجاه هذه التعديلات المُجحفة، كما أن الأحزاب ومؤسسة البرلمان القادمة مطالبون من الآن أن يضعوا هذا الملف في صُلب أولوياتهم، لأن ما يضرّ الموظف العام سينعكس سلباً على الدخل القومي في وطننا وسيكرّس ثقافات سلبية في العمل لا تحفّز على الإبداع والابتكار وستُبقي هذا الملف بلا تقدّم كما يروجون له، ونأمل أن لا تمر هذه التعديلات مرور الكرام".

تابعوا أخبار الأردن على