ما تبقى لنتنياهو... فترة خطرة
كتب نبيل عمرو
إن لم يحدث ما يبكر الانتخابات العامة الإسرائيلية أو ما يؤجلها، فسوف تجري في العالم 2026.
في الفترة التي سوف يقضيها نتنياهو في سدة الحكم، ستشهد حركة محمومة من جانبه، لا خطوط حمراء عليها، ذلك أن الرجل الذي يخوض حرب بقاءه وهي مصيرية بكل ما للكلمة من معنى، سوف يخوضها تحت شعار واحد، إمّا الرئاسة مدى الحياة وإمّا عليّ وعلى أعدائي وأصدقائي.
بحكم موقع إسرائيل وإمكاناتها وتحالفاتها، فسوف تكون المغامرة خطرة على المنطقة بأسرها، أمّا نتنياهو فلا توقيت محدد لبدء معاركه فهي مفتوحة وبلا حدود منذ أول ولاية له حتى آخر ولاية، والمفترض أن تكون نهايتها حتمية في العام 2026 كما تقول استطلاعات الرأي.
ما الذي يفعله نتنياهو في الفترة المتبقية على ولايته الراهنة.. في الداخل الإسرائيلي ربط وبإحكام الحرب على غزة بكل شأن داخلي إسرائيلي.. فمثلاً.. الحرب يراها سبباً وجيها لتأجيل النظر في قضايا الفساد أمام المحاكم، بذريعة انشغال رئيس الوزراء في إدارة الحرب وباقي أمور الدولة! ونتنياهو يُكثر من وصف الحرب على غزة وامتدادها إلى الجبهة الشمالية ومناطق أخرى، على أنها حرب وجودية تستحق أن تنخرط إسرائيل كلها بها ولسنوات طويلة، ويرى أن ليس غيره وغير حلفاءه من شركاءه في الحكومة من يؤدوا مهامها تحت شعار الأنتصار المطلق.
هذا في ما يتصل بالشؤون الداخلية في إسرائيل التي ما يزال يمسك بخيوطها جميعاً.. أمّا فيما يتصل بالتحالفات وأهمها بالطبع التحالف المصيري مع أمريكا، فقد دخل بكل ثقله وثقل إسرائيل في معركة الانتخابات الرئاسية حيث يرى عودة ترامب إلى البيت الأبيض بمثابة طوق النجاة له مما يكابد داخل إسرائيل من تدهور في مكانته التي كانت محسومة، وداخل الولايات المتحدة حيث يعتبر نفسه شريكاً لترامب وليس مجرد تابع أو حليف، أليس هو من كتب نص صفقة القرن وحصل جرّائها من ترامب على ما لم يحصل بمثله من أي رئيس سابق للولايات المتحدة.
إن الفترة المتبقية لنتنياهو سوف تكون الأخطر والأصعب على الفلسطينيين أولاً وعلى اللبنانيين ثانياً وعلى المنطقة أخيراً، والمشكلة التي ينبغي أن يحسب حسابها هي أن إزاحته عن سدة الحكم في إسرائيل، وحتى لو أُرسل إلى السجن بفعل قضايا الفساد، فإن الآثار التي ستخلفها فترته المتبقية ستكون من النوع الذي لن يتراجع خلفاؤه عنها، إذ سيعتبرونها رصيداً لهم في سياساتهم تجاه الفلسطينيين سواء ذهبوا إلى مفاوضات معهم أو بقيت الأمور على حالها.
فترة نتنياهو المتبقية سيتداخل جزءٌ منها مع الشهور الأقل المتبقية لبايدن وهي التي ستكون شهور الذروة في الحملة الانتخابية، وحسبما هو معروف حد البديهية، أنها الشهور التي سيكون فيها الديموقراطيون والجمهوريون في وضع لا يملكان فيه سوى استرضاء إسرائيل، والحصول على تمويل الحملات والتصويت جرّاء ذلك.
نتنياهو رجل يتفوق على غيره من الساسة الإسرائيليين المعاصرين في اللعب على كل الحبال في وقت واحد، ويغير جلده ولغته ومواقفه كل ما اقتضت حرب بقاءه ذلك، وحين فتح معركة الفيديوهات مع إدارة بايدن التي اضطرت لاستقبال وزير دفاعه ومنافسه الأهم من داخل حزبه وائتلافه، فقد سوّق معركة الفيديوهات وذهاب الوزير إلى واشنطن على أنه ثمرة لطريقته في العمل، ولولا الفيديوهات لما حصلت إسرائيل على معظم ما طلبت تسليحاً باستثناء بعض القنابل، وسياسياً بتعهد عملي بأنها لو دخلت الحرب على الجبهة الشمالية فستقف أمريكا معها في هذه الحرب.
إنها فترة خطرة وأخطر ما فيها فلسطينياً هو إطلاق يد اليمين الاستيطاني ليفعل بالضفة ما يشاء، وسموتريتش أعلن بلاغاته المشتركة معه قبل أيام، فعلى سبيل المثال فقد جرت في مدينة الخليل مصادرة منطقة حيوية هامة في قلب المدينة، كمقدمة لمصادرات مماثلة في معظم أنحاء الضفة.
إنها فترة خطرة بالفعل وينبغي أن يستعد لها بالحدود القصوى.