الانتقال الكبير: السياسة النقدية مرساة الاقتصاد الوطني (2-2)

{title}
أخبار الأردن -

رعد التل 

تقدم وثيقة "الانتقال الكبير" وبالتفصيل كيفية تمكن الأردن من الحفاظ على استقراره النقدي خلال الربع الأول من القرن الحالي، حيث قدّم البنك المركزي الأردني نموذجًا متميزًا في سياسته النقدية. واستطاع البنك تحقيق استقرارٍ مالي ومصرفي، وثبات في سعر صرف الدينار، وتوفير هيكل لأسعار الفائدة يتوافق مع التحديات الاقتصادية المحلية والعالمية.

وتعتبر السياسة النقدية الحكيمة والتوجه الدائم للتحوط من قبل البنك المركزي الأردني من العوامل الرئيسية وراء الاستقرار النقدي على الرغم من التحديات الاقتصادية الصعبة، مما يجعل الخبرة الأردنية في هذا المجال تعتبر واحدة من أفضل الممارسات الدولية. ويمكن تلخيص هذا النجاح من خلال النقاط التالية:

أولاً: اتخذت الاحتياطيات الأجنبية منحى تصاعديًا في معظم الفترة بين عامي 1999 و 2023، حيث تضاعف الاحتياطي من العمات الأجنبية خلال الفترة 1999 - 2022 حوالي 17 مرة. وبالمجمل، يغطي هذا الاحتياطي في المعدل 7.4 شهر من احتياجات الأردن الاستيرادية كما في نهاية عام 2022.
ثانياً: حافظ الأردن على تصنيف ائتماني جيد من مؤسسات التصنيف العالمي، باستثناء سنوات محدودة شهدت أزمات كبيرة، لكن النظام النقدي الأردني استطاع العودة إلى تصنيف أفضل بعد كل منها.
ثالثاً: شهد الإقليم والعالم سلسلة من الأزمات الاستراتيجية والاقتصادية التي ألحقت أضرارًا كبيرة في الأنظمة النقدية في معظم الدول، لكن الأردن استطاع أن يحمي نظامه النقدي وأن يحافظ على استقرار صرف الدينار. ومن بين تلك الأزمات العالمية الأزمة المالية العالمية في العام 2008، حيث خرج النظام المصرفي الأردني سليمًا منها على الرغم من تأثيرها على قطاعات اقتصادية أخرى.
استندت السياسة النقدية الأردنية في مواجهة الأزمة إلى مجموعة من الخطوات، أبرزها قيام الحكومة بضمان جميع ودائع المواطنين في القطاع المصرفي حتى نهاية عام 2010، وشمل هذا الضمان ودائع البنوك المرخصة في المملكة، وودائع غير المقيمين، وودائع الحكومة المركزية، وودائع المؤسسات العامة لدى البنك المركزي الأردني، كما قام البنك المركزي برفع نسبة الاحتياطي الإلزامي من 8 % إلى 10 %، ثم خفض هذه النسبة تدريجيًا إلى 7 % في ضوء تراجع معدل التضخم في تشرين الأول 2008. 
وإلى جانب ذلك، اتخذ البنك العديد من الإجراءات لتوفير السيولة الكافية لدعم الائتمان المحلي وتعزيز الثقة في الاقتصاد الوطني، من بينها وقف إصدار شهادات الإيداع منذ تشرين الأول 2008، وألغى البنك المركزي شهادات إيداع بقيمة 1.9 مليار دينار لتحرير سيولة كافية للبنوك، وخفض أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية خلال عام 2009 ثلاث مرات، ومرة واحدة عام 2010، استجابةً لانخفاض سعر الدولار الأميركي ولمعالجة الطلب المحلي. 
كما أعاد البنك هيكلة جزء من محفظته الاستثمارية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الرصيد القائم من النقدية وأذونات الضمان بالعملات الأجنبية.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير