العلاقات الهندية الإسرائيلية: تحول من التوازن إلى الشراكة الاستراتيجية

{title}
أخبار الأردن -

بإلهام: المهندس رائد الصعوب

تُعتبر العلاقات الهندية الإسرائيلية مثالًا حيًا على كيفية تحول مواقف الدول من الحياد والتوازن إلى الشراكة الاستراتيجية العلنية. هذا التحول لم يكن وليد اللحظة، بل مر بمراحل متعددة، تأثرت فيها العلاقات بالعديد من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية والدينية. في هذا المقال، سنستعرض كيف بدأت هذه العلاقات، وكيف تطورت إلى ما هي عليه اليوم.

 

في 7 أكتوبر 2023، أدان رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي هجوم المقاومة الفلسطينية على إسرائيل، مؤكدًا دعم الهند لإسرائيل في هذا "الوقت الصعب". هذا البيان أثار الانتباه لعدة أسباب، منها سرعته ومحتواه الواضح في تأييد إسرائيل. يُعد مودي واحدًا من أول الزعماء الذين أعلنوا تضامنهم مع إسرائيل، مما يعكس تحول الهند من دولة كانت تتبع نهجًا متوازنًا إلى شريك أساسي لإسرائيل.

 البداية: دعم فلسطيني وتعاون سري مع إسرائيل

منذ استقلال الهند في عام 1947، كانت للهند علاقات معقدة مع إسرائيل. تعود أولى مراحل التعاون بين الهند وإسرائيل إلى عام 1971 عندما احتاجت الهند إلى أسلحة لدعم حملتها ضد الجيش الباكستاني. توجهت الهند إلى إسرائيل لتوفير السلاح والزخيرة، في خطوة غير معتادة في ذلك الوقت. هذا التعاون السري كان بداية لعلاقة مستمرة، رغم عدم وجود اعتراف دبلوماسي كامل بإسرائيل حتى أوائل التسعينات.

التغيير الكبير: بداية العلاقات الدبلوماسية

في عام 1991، ومع انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي، بدأت الهند تعيد تشكيل سياستها الخارجية لتلبية احتياجاتها الاقتصادية المتزايدة. اعترفت الهند بإسرائيل وبدأت في إقامة علاقات دبلوماسية كاملة معها في عام 1992، بعد 42 عامًا من الاعتراف الرسمي بإسرائيل. كان هذا التحول نتيجة للعديد من العوامل، منها الحاجة إلى دعم اقتصادي من الغرب، والتغيرات في المشهد السياسي الدولي.

التعاون العسكري: تعزيز الشراكة

شهدت العلاقة بين الهند وإسرائيل تطورًا كبيرًا في المجال العسكري منذ التسعينات. ساعدت إسرائيل الهند في عدة مناسبات، منها تزويدها بالسلاح خلال النزاعات مع باكستان في 1999. هذا التعاون العسكري لم يكن فقط نتيجة للحاجة الهندية، بل كان أيضًا جزءًا من استراتيجية إسرائيل لتعزيز علاقاتها مع دول كبيرة مثل الهند.

المرحلة الحديثة: الشراكة العلنية

منذ تولي نارندرا مودي رئاسة الوزراء في 2014، أخذت العلاقات الهندية الإسرائيلية منحى أكثر علانية وتعاونًا. زار مودي إسرائيل في 2017، وكانت هذه الزيارة الأولى من نوعها لرئيس وزراء هندي. تبع هذه الزيارة توقيع العديد من الاتفاقيات الدفاعية والاقتصادية، مما جعل إسرائيل أكبر مورد للأسلحة للهند.

مودي، الذي عرف بعلاقته الجيدة مع إسرائيل منذ كان رئيسًا لولاية غوجارات، عمل على تعزيز هذه العلاقات وجعلها جزءًا من استراتيجية الهند الكبرى في المنطقة. هذا التحول لم يكن فقط على المستوى الرسمي، بل شمل أيضًا تنسيقًا وثيقًا في مجالات مثل مكافحة الإرهاب والتكنولوجيا الزراعية.

 موقف الهند من القضية الفلسطينية

رغم التحالف القوي مع إسرائيل، تحافظ الهند على دعمها المعلن لحل الدولتين فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. هذه السياسة تعكس توازنًا دقيقًا تسعى الهند للحفاظ عليه بين مصالحها مع إسرائيل وتعاطفها التقليدي مع الفلسطينيين. ولكن، مع تزايد التعاون الهندي الإسرائيلي، يتضح أن الهند أصبحت أقل اهتمامًا بمواقف الدول العربية والإسلامية تجاه هذا التحالف.

 خاتمة

تُظهر العلاقات الهندية الإسرائيلية كيف يمكن للسياسة الدولية أن تتغير بشكل جذري تبعًا للظروف الاقتصادية والسياسية. لقد انتقلت الهند من موقف متوازن إلى شراكة استراتيجية واضحة مع إسرائيل، مما يعكس تغييرات جذرية في استراتيجياتها الوطنية والدولية.

 

م. رائد الصعوب؛ بتوظيف الذكاء الاصطناعي  

RaidSoub@Outlook.Com

 

لا تفوت مشاهدة الفيديو الكامل للحصول على المزيد من التفاصيل والمعلومات القيمة. يمكنك مشاهدته عبر هذا الرابط:

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير