الاخبار العاجلة
تعليم تجاري.. إساءة للمنجز التعليمي

"تعليم تجاري".. إساءة للمنجز التعليمي

اخليف الطراونة

ها هي مسيرة التعليم الجامعي الخاص التي بدأت انطلاقتها المباركة في بداية التسعينيات من القرن الماضي، تواصل التحوّل إلى نموذج أردني بامتياز من خلال الشراكة الفاعلة بين القطاع الخاص والقطاع الأكاديمي المستقل، وبعد مراحل قانونية تمرُّ بها هذه الجامعات قُبيل السماح لها بأداء رسالتها التعليمية النبيلة في إعداد الكفاءات المؤهلة التي تسهم في العملية التنموية الشاملة داخل الأردن وخارجه  كحصولها  على " الاعتماد العام" الذي تمنحه "هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي" بعد أن تحقق عدداً من المعايير الصارمة والمواصفات الدقيقة المطلوبة في بيئة الجامعة التحتية، إضافة إلى " الاعتماد الخاص" المتعلق بالخطط الدراسية وعدد أعضاء الهيئة التدريسية وتوافق مؤهلاتهم وخبراتهم العملية مع التخصصات المطروحة .

وبالرغم من تحفظاتنا على نوعية  بعض أعضاء الهيئة التدريسية واستحداث العديد من التخصصات غير المطلوبة في عدد من الجامعات الخاصة- كما هو الحال أيضاً في العديد من الجامعات الرسمية-  إلا أن معظم الجامعات الخاصة، ودون شكٍّ، تسهم في  تخفيف حدّة الفقر والبطالة، وتوفير أموال وجهد على الطلبة الأردنيين الذين يدرسون فيها جراء عدم قبولهم في الجامعات الرسمية، وتوفير أموال على خزينة الدولة.

واليوم، وفي مستهل مئوية الدولة الأردنية الثانية، أي بعد مضي ربع قرن على تأسيس أول جامعة أردنية خاصة،  " جامعة عمان الأهلية" والبدء باستحداث جامعات طبية في القطاع الخاص، تطلُّ علينا بعض الجامعات الخاصة، وبكل أسف، بقبول طلبة مخالفين لمعايير الاعتماد الخاصة بأعداد المقبولين في التخصصات الأكاديمية و/ أو مخالفين أسس معادلة مواد التجسير؛ وبخاصة في التخصصات الهندسية والتمريض والصيدلة، وبعد قبول الطلبة وتسجيلهم وإلحاقهم بالبرامج لأكثر من عام تقوم هذه الجامعة أو الجامعات بإبلاغهم بأنَّ هناك خطأً في معادلة موادهم، وتطلب منهم تسجيل مواد أكثر ( هذا في حالة التجسير على التخصص نفسه)، وفي حالات ثانية تقبل الطلبة في تخصصات كلية العلوم ( كيمياء وعلوم حياتية وغيرها)، مع الوعد بتحويلهم إلى تخصص التمريض أو الصيدلة وبعد مرور عام لا تفي بوعدها، وفي حالة ثالثة تقوم الجامعة بقبول الطلبة في تخصص التمريض زيادة على الطاقة الاستيعابية ثم تقوم بعد أكثر من فصل بتغيير التخصص إلى تخصصات أخرى.

أيُّ منهج تربوي أو علمي أو أخلاقي تلتزم به هذه الجامعات؟!، وما ذنب الطالب الذي التحق ببرنامج معين ورتَّب أموره الحياتية والمالية متوافقة مع تخصصه الذي قبل فيه، أن يتفاجأ بجشع الجامعة وعدم مهنيتها والطلب منه أن يسجل مواد إضافية، أو أن يغيّر تخصصه ؟! ولماذا لا تقوم هيئة الاعتماد بفرض غرامة مباشرة عليهم بدلاً من إعطائهم مهلة تصويب الأوضاع على حساب الطلبة وذويهم ومستقبلهم؟، ولماذا لا يقوم مجلس التعليم العالي بإيقاف مثل هذه الجامعات عن قبول طلبة جدد لمدة عامين على الأقل حتى تصوب كافة أوضاعها؟ ولماذا لا يشكل مجلس التعليم العالي وهيئة الاعتماد لجنة من الخبراء وذوي الاختصاص والغيرة على التعليم والوطن للوقوف على كل ما يجري في هذه الجامعات حتى لا يمتدّ أثره السلبي إلى باقي جامعات الوطن الخاصة ويسيء إلى منجزنا التعليمي الذي نفخر فيه؟. 

إن مسؤوليتنا جميعاً هي في الدفاع عن منجزاتنا وقيمنا وتعليمنا‘ وأن لا ندعم من يتاجر بالعلم والمعرفة على حساب الجودة ومنظومتنا القيمية والأخلاقية. فهل نرتقي إلى نُبل هذه المسؤولية الوطنية؟ هذا ما نأمله ونتطلع إليه بثقة ورجاء.

والله وحده من وراء القصد


تنويه.. يسمح الاقتباس وإعادة النشر بشرط ذكر المصدر (صحيفة أخبار الأردن الإلكترونية).