صرخات من أعماق الحطام: قصص الحرب والحياة

{title}
أخبار الأردن -

عبدالله قصول

في قلب الدمار، حيث لا صوت يعلو فوق أزيز الطائرات وأصوات الانفجارات، يقبع شعب يكافح من أجل البقاء. هنا، في هذه الأرض التي عانقت الحرب، تتناثر الأشلاء وتتوارى الأحلام خلف ستار الدخان. كل يوم يحمل معه أملًا ضعيفًا بالحياة، وكل ليلة تصبح شاهدة على قصص من البؤس والصمود.

وسط الظلام الدامس، يجلس الكهل في زاوية من زوايا بيته المهدم، ينظر بعينين ملؤهما الدموع إلى السماء المثقلة بالسحب السوداء. أصوات الانفجارات تقترب، والأرض تهتز تحت قدميه. في هذه اللحظة، تذكر عندما كانت الحياة تنبض بالألوان والصوت والحب.

كانت لديه عائلة وبيت دافئ، أما الآن، فإن فقدانه لكل شيء تركه محطماً. الجوع ينهش جسده، والخوف يغزو روحه. لكنه مع ذلك، يتمسك بأمل صغير، أمل بأن تعود الحياة يوماً إلى طبيعتها، وأن تشرق الشمس على وطنه المكتوم.

والطفل يجلس أمام منزله المدمر، يمسك بقطعة خشبية يحاول بها بناء شيء يشبه بيتاً صغيراً. على وجهه تظهر ملامح البراءة ممزوجة بالحزن. عيناه تلمعان في ضوء القمر، وكأنهما تتساءلان: هل يعود الفرح يوماً؟

المرأة تجلس بجانب النار، تحمل بين يديها كتاباً تقرأ منه بصوت خافت لأطفالها. حولها يجتمعون، يبحثون في كلماتها عن ملاذٍ آمن وسط هذا الجحيم. ابتسامة صغيرة ترتسم على وجوههم المتعبة، لحظة سلام في بحر من العواصف.

الشاب يقف في صف طويل أمام توزيع المساعدات، وجهه شاحب من الجوع، ولكن في عينيه بريق الأمل. يعرف أن هذه المساعدات قد تنفد، لكنه لا يزال ينتظر، يؤمن بأن هناك نورًا في نهاية النفق.

هذه هي الحياة في ظل الحرب، مزيج من الألم والأمل، الخوف والصمود. كل يوم نعيش فيه هو معركة جديدة من أجل البقاء. نحن، شعب كُتب عليه أن يقاتل من أجل حقه في الحياة، نعلم أن النصر لا يكون دائمًا في الانتصارات الكبرى، بل في لحظات الصمود الصغيرة، في الابتسامات التي تتحدى اليأس، وفي الأمل الذي يبقى نابضاً حتى في أحلك الظروف.

في هذه الأيام العصيبة، نتعلم أن الحياة لا تُقاس بعدد الضربات التي نتلقاها، بل بعدد المرات التي ننهض فيها من تحت الأنقاض. وفي كل صرخة ألم، هناك نداء للحرية، وفي كل دمعة تنزل، هناك بذرة لأمل جديد ينبت في أرضنا المحترقة.

لكل من يعيش في ويلات الحرب، تذكروا: أنتم أحياء، وما دمتم أحياء، فإن هناك دائمًا فرصة لبداية جديدة.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير