"ربنا أفرغ علينا صبرا"
علي سعادة
"ربنا أفرغ علينا صبرا".. تعبير قرآني يصور الصبر وكأنه يفيض ويفرغ على أصحاب الحاجات فيغمرهم.
والمعنى، صب علينا واغمرنا، حتى نواجه ما يتهددنا وأعطنا القوة والسكينة.
كأنهم يقولون لا نريد الصبر العادي، نريد صبرا تغمرنا به كما يغمر الماء من يفرغ عليه من الإناء أو الوعاء. فاستعمل إفراغ الصبر على التشبيه بحال إفراغ الإناء.
كأن المرء حين يدعو بهذا الدعاء يطلب من الله كل الصبر لا بعضه.
ويقول العارفون بالله أن أول من قالها هم سحرة فرعون حين أمنوا بالنبي موسى، فتوعدهم فرعون، فلم يجدوا غير هذا الدعاء حتى يعينهم على ما سيواجهونه من عذاب.
ولتعظم الدعاء ذكرت كلمة "صبر" غير معرفة، وإنما استخدمت على التنكير لأن المرء قد يمر بمحنة عظيمة، تؤدي إلى ذهاب النفس وترهقها، فيحتاج إلى صبر خاص ليثبت الفؤاد، ويطمئن به.
كأنهم يقولون: لقد فعلنا كل ما نستطيع لمواجهة الصعاب والمحن وفقدنا كل طاقتنا على التحمل، ولم يبق سوى أن تفرغ علينا صبرا أو نهلك.
ربنا أفرغ علينا صبرا، حتى نحتمل نكد الدنيا وعارضها، ونحتمل بعض المحيطين بنا الذين يجعلون حياتنا كئيبة وبائسة، ومن يضيقون على خلقك سبل العيش والحرية.