الفرجات: حلّان للتعامل مع ظاهرة التغير المناخي
عبد الله قصول
يشهد العالم اليوم تحديا بيئيا غير مسبوق يهدد مستقبل الأرض، وهو التغير المناخي، حيث ترتفع درجات الحرارة عالميا وتزداد الكوارث الطبيعية مثل: الاعاصير، الفيضانات والجفاف، فأصبح واضحا أن هذه الظاهرة ليست مجرد نظرية علمية، بل واقع يواجهنا يوميا.
يؤثر التغير المناخي على كل جانب من جوانب الحياة، من النظم البيئة التي نعتمد عليها للغذاء والمياه، الى الاقتصادات التي تواجه خسائر فادحة، والمجتمعات التي تضطر الى التكيف مع ظروف جديدة وغير متوقعة.
ومع استمرار الانبعاثات الكربونية في الارتفاع، تزداد الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات للتصدي إلى هذه الأزمة.
وصرح أخصائي جيولوجيا المياه والبيئة والاستكشاف الجيوفيزيائي في جامعة الحسين بن طلال، الاستاذ الدكتور محمد الفرجات، أن ما يمر به العالم اليوم يعود الى عام 1800؛ بسبب زيادة عدد السكان، والتوصل الى الاختراعات الحديثة التي سهلت حياة الشعوب، إضافة إلى ثورة إختراعات المطاعيم والمضادات الحيوية والتي قللت من الاوبئة الفتاكة وقللت نسب الوفيات مقابل عدد المواليد.
وأضاف الفرجات، أنه ومع زيادة وتحسن الرعاية الصحية، والتوافق بين الدول وقلة الحروب مقارنة مع الازمنة الماضية، وزيادة الانتاج الغذائي مع تطور وسائل الزراعة الحديثة، فقد تضاعف عدد سكان العالم عشرات المرات عبر آخر قرنين.
في السياق ذاته، أوضح الفرجات أن "الثورة الصناعية الاولى وظهورة الآلة البخارية زاد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الجو.
وأضاف الفرجات أنه وبعد إختراع الآلة الغازية، وظهور مشتقات النفط من البنزين والسولار والمواد النفطية واحتراقها فقد زاد ذلك وفاقم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الجو وغازات الدفيئة في الجو بكميات هائلة.
وقال الفرجات، ان هذه الثورات وهذا التقدم زادت من تحسن اوضاع الدول الصناعية المالية والرخاء، وبالمقابل من الطلب على السياحة والسفر والتنقل والرفاهية والاغذية، وكل ما ينتج من عملياتها من إحتراق، مما ادى الى زيادة غير مسبوقة بانبعاثات ثاني اكسيد الكربون في طبقات الجو العليا، لنعيش كبشرية ظاهرة الدفيئة، بينما يعاني الكوكب الاحترار بسبب التراكم الحراري لمنع غازات الدفيئة الأشعاع الشمسي والحراري المرتد من النفاذ للفضاء الخارجي بل وعكسها تجاه الكوكب.
في نفس الموضوع، اوضح الفرجات ان ما تراكم في طبقات الجو من غازات الدفيئة تسبب بحدوث ما يشبه عمل "المرآة العاكسة"، مما يسمح بدخول أشعة الشمس الى الكوكب، وعكسها مجددا إليه، وأننا نعيش تماما ظاهرة "البيت الزجاجي".
وقال الفرجات، إن "ظاهرة البيت الزجاجي" زادت حرارة الكوكب، وتؤدي الى ذوبان القطبين وارتفاع منسوب المياه وتهديد المناطق الساحلية".
وانتقل الفرجات في حديثه إلى نتائج هذه الظواهر، وقال إن الدول الزراعية أصبحت أقل انتاجية بسبب الجفاف، واصبح سكان الارياف والمزارعين ومربو المواشي المنتجين الذين يعتمدون على الموائل والمراعي الطبيعية والأمطار يتوجهون الى المدن للعمل كسائق حافلة او تكسي او حارس على مول او غيره من الأعمال، ليصبحوا مستهلكين، مما يمس إقتصادات الدول والأمن الغذائي سلبا، ويزيد أسباب النزاع والحروب بين الدول بسبب التنافس على موارد الطبيعة والمياه التي تنحسر مع التغير المناخي وزيادة الطلب على الانتاج مع زيادة سكان العالم.
وبين الفرجات، ان دول العالم جميعها تأثرت، مبينا معاناة الدول السياحية والتي تعتمد على السياحة البيئية، كالشواطئ والمناطق الجبلية والغابات، وأكثر المتأثرين مناطق الشرق الأوسط" والدول العربية.
وقال الفرجات، إن هناك حلّان يجب اتباعهما للتعامل مع هذه الظاهرة، الأول: التحول إلى الاقتصاد الأخضر وهو زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة (النظيفة)، وتحويل إعتماد قطاعات الصناعة والسياحة والزراعة والانتاج والمدن على طاقة الرياح والشمس والهيدروجين الأخضر وغيرها من مصادر الطاقة النظيفة.
والحل الثاني: تعايش الدول مع آثار التغير المناخي، ويمكن ان تتبناها للتقليل من التأثيرات السلبية للتغير المناخي، كحلول التحلية والزراعة الذكية مناخيا وتخطيط استعمالات الأراضي الذكي مناخيا كذلك، مؤكدا على أهمية إطلاق وحدات أمن المناخ التي تتضمن التنبؤ واستشراف المستقبل المناخي والحلول والاستجابة.