عن الرأي وهي تعبُر عاماً جديداً.. أسئلة قديمة وأخرى راهنة «بلا إجابات»؟
محمد خروب
في مثل هذا اليوم «الثاني من حزيران», بما هو اليوم الذي صدرَ فيه العدد «الأول» من صحيفة «الرأي» في العام 1971. ثمة أسئلة مريرة, مُؤلمة وكثيرة تطرحها وطرحتها, أسُرة المؤسسة الصحفية الأردنية الرأي, منذ بدأ شبح الأزمة المتدحرجة بالظهور في فضاءَيّْها.. الإداري/المالي والتحريري, بعد سلسلة من القرارات الخاطئة وغير المدروسة, خصوصاً تلك التي «أُملِيَت» عليها من فوق ولم تستطِع/أو لم تَجّرؤ مجالس إداراتها المتعاقبة قول «لا», أو حتى التلكّؤ/المراوغة في تنفيذها, ظناّ من هؤلاء «السادة» أن سيف الحِرمان سيطال امتيازاتهم. إلى أن بدأت الأزمة تفرض نفسها بتسارُع على المشهدين الإداري وخصوصاً التحريري. ما أوصلنا ـ من بين أمور أخرى ـ إلى ما نحن عليه الآن من حال صعبة, لا أحسب أنّ أحداً يرتضيها أو يقبل باستمرارها، خاصة بل دائماً أنّ الأزمة التي بدأت محض «إدارية», انتهت إلى أزمة مالية خانقة ما تزال قائمة, رغم كل الوعود التي بُذلت على أعلى المستويات، ورغم النداءات والعرائض والاحتجاجات والإضرابات, التي قوبِلت بالتفهّم تارة وأحياناً بالمسانَدة «اللفظية» كما يجب التنويه وتقتضي النزاهة, لكن لم تتم ترجمة ذلك التفهّم وتلك المُسانِدة/ اللفظية دائما, بدعم مالي أو قرارات «جريئة», تطيح الأساليب والإجراءات القديمة (التي ما تزال سارية المفعول عن سابق إصرار), و/أو يتمّ تعديلها لصالح إقالة «الرأي» من عثرتها.
عام جديد يطلّ على «الرأي» في ظل غياب أي افق، و«تبخّر» الوعود والتعهدات التي قُطعت من حكومات «سابقة» بأنّ الحلّ قريب، سواء تلك التي تمت في الغرف المُغلقة أم خصوصاً التي جاءت عبر تصريحات المسؤولين و«أصحاب قرار» في السلطتيْن.. التنفيذية والتشريعية, بأنّ الأمور سائرة «إلى التحسّن وأنّ انتهاء الأزمة مسألة وقت», تفرضه الإجراءات البيروقراطية التي لا بد منها.
ليس ثمة حاجة لإعادة السرديّتيْن «المُتقابِلتيْن» اللتيْن يُرددهما مساندو دعم الصحف الورقية من جهة, وأولئك الذين ما يزالون حتى اللحظة, يروّجون مقولة انّ عهد «الصحافة الورقية أو التقليدية في عُرفِ البعض, قد تجاوزه الزمن», وإنّ العصر «الرقمِي» الذي نعيشه, يفرض علينا الاستجابة لتحدياته والعمل وفق «أحكامه ونواميسه», وأنّ المُهمة مُلقاة على عاتق إدارات هذه الصحف عبر التخلّي «الفورِي» عن عقليتها القديمة, والعمل بدأب ومثابرة من أجل الشروع في تغيير حقيقي في الشكل والمضمون, عبر اعتماد «النسخة الإلكترونية» وسيلة لتجاوز الأزمة المالية, ولجذب المزيد من المُتابعين والمُعلِنين على اختلافهم, والمُتفاعلين مع الموقع الإلكتروني, وليس التمسّك بإصدار النسخة «الورقية» وتحميل الآخرين (يقصدون الحكومات المتعاقبة), مسؤولية الحال البائسة التي هي عليها الآن صحافتنا الورقية.
يصعب السكوت عن تلك الاتهامات, التي وإن تَلبّس بعضها لبوس البراءة, و/أو الظهور بمظهر الناصِح والمُتفاعل مع أدوات العصر واستحقاقاته، إلّا أنّ اتّهاماتهم هذه تستبطِن التملص من المسؤولية, وإخفاء حقيقة أنّ الأزمة التي تعصِف بالصحافة الورقية, جاءت في معظمها بل في نسبتها العالية جداً, من القرارات والإجراءات التي اتّخذتها الحكومات المتعاقبة وأذرعتها الاستثمارية، رافضة على نحو حاسم وقطعِيّ أي انتقاد أو ملاحظات, سواء في التعيين العشوائي/التنفيعي لرؤساء وأعضاء مجالس الإدارات المُتعاقبة, أم خصوصاً في فرض المزيد من «التعيينات» على كادر/كاهل الصحف, تعيينات لا تخرج في معظمها, عن عمليات إسترضاء لقوى ولوبيات نافذة، فيما لا حاجة للصحف الورقية لمثل هذه الحمولات الزائدة, التي أرهقتْ «مالية» تلك الصحف وأوصلتها لما هي عليه الآن.
لا نملك في مناسبة عبور «الرأي» إلى عامها الجديد, سوى» الأمل» بأن تكون استجابة مَن يعنيهم الأمر, لنداءات «استنقاذ» الصحافة الورقية من أزمتها المالية. إستجابة صادقة وحقيقية, بعيداً عن لعبة «شراء الوقت» التي كانت تُمارس سابقاً, وحسماً لكل اللغط الذي يبرز فجأة ثم لا يلبث ان يخفت صداه, عن «نِيّيات» لـ«تصفية» بعض/كل هذه الصحف, وسط تسريبات تُتحدث أن الأمور قد حُسمت, وان هذا ما يجري العمل عليه، ما يعني ــ إستنتاجاً ــ أنّ الوعود التي بُذلت سابقاً.. لم تكن جدية. ولم تعدو كونها/الوعود مجرد شراء للوقت لا أكثر ولا أقلّ.
كل عام والجميع... بخير.