منطق المافيا... وامتداداته في واشنطن
أنظروا.. هل هي قيادة دولة، أم توليفة مافيات؟
لتعرف الجواب لابد من قراءة ردود فعل الوزراء وقادة الأحزاب الإسرائيليين على أمرين.
الأول.. قرارات محكمة العدل الدولية، ومذكرات مدعي عام محكمة الجنايات.
الثاني: اعترافات الدول الأوروبية الثلاث بالدولة الفلسطينية، والتي فتحت باباً لاعترافات أوسع نطاقاً على مستوى القارة ودول الناتو.
منطق العصابة، بشأن قرارات العدل الدولية ومذكرات مدعي عام الجنائية، جسده أقطاب الحياة السياسية في إسرائيل سواء من يوصف منهم تجاوزاً بالمعتدلين، أو من هم فعلاً عنصريين متشددين، كلهم تحدثوا بلغة واحدة تردد صداها في واشنطن، إذ اختصروا الأمر في جملة واحدة، "إلى الجحيم محكمة العدل الدولية".
وكثيرون تجاوزا هذه الجملة "المافياوية" إلى تهديد حتى ذوي القضاة بتشريعات وإجراءات عقابية تشبه من يختطف أعزاء أبرياء لابتزاز ذويهم، وهذا فعل مافيات وليس دول.
أمّا بشأن اعترافات الدول الأوروبية بالدولة الفلسطينية، فقد تجلّى في عينة قدمها الوزراء الأساسيون في حكومة إسرائيل "كل اعتراف من قبل دولة أوروبية يجب أن يقابل ببناء مستوطنة جديدة" وإذا ما أريد معاقبة إسبانيا مثلاً، فذلك يكون بالتسريع في اجتياح رفح، ومصادرة أموال الفلسطينيين، والرقص الجنوني في باحات الأقصى، فعل ذلك أحد أعمدة الحكومة الإسرائيلية بن غفير، ما حفّز أحد الضباط إلى حرق المصحف الشريف.
في واشنطن من يقول ويهدد ويتوعد بأكثر من ذلك، فمنطق المافيا الذي يجسده وزراء وأعضاء كونجرس أصبح لسان حال الدولة العبرية وحروبها وانتقامها، بحيث كلما أغضبتهم دولة بقرار معقول تتخذه يردون عليه بمزيد من التنكيل بالشعب الفلسطيني وحياته وممتلكاته، ما جعل العالم الذي كان مضللاً لوقت طويل ويعتبر إسرائيل مجرد حمل وديع له الحق في الدفاع عن نفسه أمام "الوحش الفلسطيني"، ليستفيق على الحقائق الساطعة وأهمها أن إسرائيل لا تدافع عن نفسها، وإنما تدافع عن ما تراه حقاً لها في قتل الفلسطينيين وتدمير مدنهم وقراهم ومخيماتهم.
العالم كله استفاق على الحقيقة أخيراً، وها هو "الحمل الوديع" يقبع وراء قفص اتهام محكمة العدل الدولية، وتنتظره مذكرات جلب أمام محكمة الجنايات.
هنالك مقولة حكيمة تنطبق على ما يجري، قد تستطيع خداع بعض الناس لبعض الوقت، ولكن المستحيل أن تخدع كل الناس كل الوقت!
مسار اليوم