هم يكرهون الأردن
سهم محمد العبادي
لم يعد الأمر من باب الرأي والرأي الآخر أو حرية تعبير، ولا يمكن أن تصنف من ضمن أخلاقيات الاختلاف، بل تعدت لتظهر الوجه الحقيقي «القبيح» لهم، من خلال هجماتهم المستمرة على الأردن ملكا وملكة وشعبا ومؤسسات، وترويج هذه الهجمات للداخل الأردني قبل الخارج، بل وأصبحت تترجم إلى عدة لغات، ما يعني أن هذه الإساءات متعمدة، وقد نبهنا منها عدة مرات سابقا، لكن البعض اعتبرها غيمة سوداء لا يجب الالتفات لها.
اليوم، وبعد مرور أشهر على العدوان الهمجي على غزة، كشف معه أيضا العدوان الذي يتعرض له الأردن، نتيجة مواقفه الثابتة التي لم تكتب للآخرين أن ينالوا شرفها، فما كان منهم إلا البحث عن التصيد والإساءة علنا، أو دس السم في الدسم، ومنهم من هو بين ظهرانينا، فالبعض يريدها ساحة خلفية لبعض الجهات أو ساحة تصفيات وتصنيفات.
دول عدة في المنطقة وخارجها عينها على الأردن لوضع موطئ قدم لها، وبأي وسيلة كانت، حتى وإن كان استغلال حماسة وعاطفة الأردنيين القومية والإسلامية، فالهدف أبعد من ذلك بكثير، وتصديع الأرض الأردنية المستقرة هو الهدف والغاية الأساسية.
ثمة جهات داخلية «ترخيصها أردني» وولاؤها عابر للحدود والسفارات، والوطن بالنسبة لهم ليس أكثر من بقعة جغرافية لتنفيذ مخططات خارجية بأياديهم، نراهم يستخدمون المنصات الاجتماعية كوسائل اتصالية لتمرير مخططاتهم وزرع أدوات الشك في قلوب الأردنيين تجاه وطنهم وسيادته ووحدته واستقراره ومواقفه، وإن كان التشكيك في الموقف الأردني بداية الحرب، فقد تطور اليوم إلى مرحلة التخوين العلني لكافة المواقف وآخرها الدور الأردني في وقف الحرب ومساندة الأشقاء.
في كل مرة يخرج علينا جماعة «الصوت العالي» بأن هذا الأمر يأتي من باب الانتقاد وحرية الرأي والتعبير، ولا أعلم عن ماهية الرأي الذي يسيء إلى هذا الوطن ومؤسساته وشعبه وقيادته، ويدخل في باب الحرية واختلاف الرأي؟ ومتى كان التخوين والتشكيك حرية رأي؟ وما يدهشك أكثر «انجراف» البعض خلف هذه الترهات، وعلى الدولة بأكملها العودة عن الكفر، وتناسى هؤلاء أن هذا الوطن له استقلاليته وسيادته مثلما له أهل لهم القدرة في الدفاع عن أرضه وسمائه، وقد روى التاريخ كثيرا من هذه الأمثلة التي شهدت على أن أرض الأردن لم تندس، وان من تمتد يده عليها بسوء تقطع من جذورها.
الساحة الداخلية اليوم باتت تحتاج إلى عين رقابية ووقائية أكثر من أي وقت مضى، فتوظيف العبارات و»تصفيط» الكلمات تحت باب حرية الرأي تشكل خطرا علينا، واستغلال البعض لقوميتنا العربية وانتمائنا الديني لتصدير مواقف لا تمثل الدولة الأردنية بكافة أركانها، وتمنح «ميليشيات» الخارج مكاناً على الساحة الأردنية تحت هذه الذرائع، لن يتقبله الأردنيون، ولن يمر مهما كلف الأمر.
من غير المنطقي كذلك أن تنشغل الصالونات السياسية بحديث التغيرات الرسمية للمواقع الحكومية، في وقت تتعرض فيه الأردن إلى حملات ممنهجة من الإساءة، وهذه الصالونات روادها من الذين يتفاخرون بالألقاب الوظيفية، لكنهم في ظل هذا كله تركوا الوطن ونزلوا الجبل بحثا عن الغنائم، وكأن لا يعنيهم من الأردن إلا لقب وظيفي ومكاسب أخرى، وعلى امتداد هذه الفترة شكل اختفاؤهم علامات استفهامية عليهم وعلى مواقفهم، في حين برهنت المواقف أنهم رجال «كراسي» لا غير.
هؤلاء جميعا مهما تحدثوا عن الأردن وخوفهم عليه، إلا أن أفعالهم تؤشر على أنهم يكرهون الأردن.
الأردن العظيم يستحق الأفضل دوما.