مصر وإسرائيل.. من السلام البارد إلى الحرب الباردة
تمادت إسرائيل كثيراً في استفزاز مصر، غير آبهة بأنها الدولة العربية الأولى التي قادت سياسة الاعتدال في المنطقة، ما أدى إلى وقف الحروب النظامية مع إسرائيل، ارادته مصر أساساً لسلام دائم في الشرق الأوسط، يقوم على حل الدولتين أي حتمية إقامة الدولة الفلسطينية.
عندما لم تتعاون إسرائيل في تطوير السلام مع الفلسطينيين وتحديداً بعد إبرام اتفاقية وادي عربة مع الأردن، لاحظ العالم أن مسيرة الاعتدال التي قادتها مصر أوقفتها إسرائيل عند القضية الفلسطينية، التي يجمع العالم كله على حلها، كأساس للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط. إلا نتنياهو الذي يتباهى بأنه عمل وسيواصل جهوده من أجل ذلك إلى أن وصلت قواته الغازية حدود رفح المصرية، وها هي تجتاح رفح الفلسطينية وليس منطقة فيلادلفي والمعبر وشرق رفح، بل تتوغل داخلها، وتعد العدة لتوسّع أكبر في المدينة.
مصر أدارت مع قطر وساطة هدفها وقف الحرب، وإيصال المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة ولعبت دور الوسيط، وكادت تنجح في مساعيها لولا ألغام نتنياهو التي أعاقت كل المحاولات، حتى اتهم من داخل إسرائيل بأنه يضحي بحياة المحتجزين لدى حماس، وأنه يورط إسرائيل وأمريكا في حرب شخصية.
كانت العلاقات المصرية الإسرائيلية رسمية تماماً ولم تكن لتصل إلى مستوى التطبيع الشعبي، وكثيراً ما كانت توصف العلاقات مع مصر بالسلام البارد.
مصر أدارت سياساتها تجاه الحرب على غزة بحذر، سعت إلى أن لا تتوسع لتصبح إقليمية وفي هذا الاحتمال تكون خسائرها على الجميع كارثية، ومصر اختارت دور الوساطة والتهدئة وأيّدها العالم كله بما في ذلك أمريكا.
مغامرة إسرائيل في رفح نقلت السلام البارد إلى مقدمات حرب باردة، نرى بوادرها الآن وسنرى تطوراتها في قادم الأيام.