قُبلة الوداع
الدكتور يزن دخل الله حدادين
يجري الكثير من الحديث في الصالونات السياسية عن احتمال استقالة الحكومة الحالية والتي يترأسها دولة الدكتور بشر الخصاونة وتعيين حكومة انتقالية لحين إجراء الانتخابات النيابة القادمة. دستورياً ينتهي عُمر مجلس النواب التاسع عشر (الحالي) في السادس عشر من تشرين الثاني من العام الحالي (2024)، ودستورياً للملك حل مجلس النواب وفق المادة 34/3 من الدستور، ما يعني إمكانية حل مجلس النواب في أي وقت، وبالتالي فنحن في هذا العام وفي الاشهر القليلة القادمة أمام استحقاق دستوري وجولة ديمقراطية جديدة.
الحكومة الحالية تشهد ضغوطات كثيرة من فئات تحمل أيدولوجيا غير نمطية (من وجهة نظري). والتصعيد الأخير من تلك الفئات في الشارع الأردني اتجاه أحداث غزة يُعوِّل على المشاعر وعلى الهتافات الثورجية التي ليس منها فائدة الاّ لكسب شعبويات وتسجيل مواقف بمثابة قُبلة وداع للحكومة الأردنية.
هذه الحكومة (وجميع من سبقها) هي حكومة سيّد البلاد، جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين. شاء من شاء وأبى من أبى فإن الملك الهاشمي الأصيل أعلن في المحافل الدولية أنّ أيَّ حلّ لا يردّ الحقوق الفلسطينية إلى أهلها سيكون مصيره الفشل، والمزيد من العنف والدمار، كما أكد رفضه أي خطة تتعلق بتهجير الفلسطينيين وحذّر دوماً من انفجار الأوضاع مُجددًا في فلسطين. سيّد البلاد وجيشه العربي الأردني الهاشمي الأصيل أول من قدموا الدعم للمدنيين في غزة بدءً من المستشفيات العسكرية الميدانية ومن ثم المساعدات الغذائية والدوائية. نعي تماماً أن هذا واجب كل أردني أصيل، ولكن نعي أيضاً أنه واجب كل من يحمل الجنسية الأردنية الحفاظ على الوطن واستقراره وهويته.
تميزت الأيام القليلة الماضية ببعض الشعارات التي تُشكك بالموقف الرسمي الأردني، مطالبة باتخاذ خطوات تجاه الأحداث في قطاع غزة، بالرغم من أن تلك المطالبات مجهولة الحيثيات ومجهولة الأُطر الاّ أن جهود الأردن الرسمية والدبلوماسية كانت وما زالت ضاغطة تجاه الوقف الفوري لإطلاق وإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية. الأردن لن يقبل بأية أُطر لا تصون وتلبي بشكل كامل مصالحه العليا ولن يقبل بأنصاف الحلول تجاه القضية الفلسطينية وهذا ما يشهد عليه التاريخ.
لم يشفع للأردن حكومةً وشعباً وقيادةً تحرّكه المبكّر ومواقفه السياسية والدبلوماسية والإغاثية الحثيثة وتلك الفئات اليائسة (المحدودة العدد والتفكير) لا تملك الاّ محاولة يائسة لتأجيج الشارع الأردني بدلاً من الوقوف في خندق واحد والالتفاف نحو العمل الجاد بدلاً من الإساءة.
ان ثقة الشعب بجلالة الملك وبالجيش العربي الأردني المغوار وأجهزته الأمنية وحكومته هي العامل الأساسي لموقف الأردن المشرّف تجاه فلسطين وشعبها المنكوب المناضل الحر.
ختاماً وعلى غرار المشككين نقدّم قبلة على جبين كل أردني غيور على وطنه ونرفض أي تحريض أو إساءة أو إهانة في حق المملكة الأردنية الهاشمية الحاضنة لكل من طرق بابها.