الاخبار العاجلة
‏مبادرة أردنية (للحَلّ)في غزة ..ولمَ لا؟

‏مبادرة أردنية (للحَلّ)في غزة ..ولمَ لا؟

حسين الرواشدة 

‏هل يقف الأردن عند لازمة المطالبة "بضرورة إنهاء العدوان على غزة " ، أم اصبح من الضروري أن يطور موقفه الدبلوماسي باتجاه إطلاق مبادرة لوقف العدوان ‏، وفتح أفق سياسي للحل ،  ثم بناء موقف سياسي للتعامل مع  أي ترتيبات لما بعد الحرب ‏، بما يصب في مصالحه العليا أولا ، وفي مصالح الأشقاء الفلسطينيين أيضا؟ 

‏لا يوجد لدي معلومات دقيقة يمكن أن تحسم الإجابة،  لكن أتوقع -وفق بعض التسريبات - أن ‏الدبلوماسية الأردنية بدأت تتحرك باتجاه الدخول على خط "مبادرات " سياسية ،قابلة للنقاش والتداول،  بين مختلف الأطراف المعنية،  كما أن لديها رؤية بدأت تتبلور ويمكن أن تساهم بإيجاد مخرج لوقف الحرب ، وضمان وضع مقاربة سياسية لما بعدها،  هذا التحرك الدبلوماسي مشروع ومطلوب لاعتبارات عديده،  أهمها ‏الحفاظ على الدور الأردني فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ، لتجنب أي ارتدادات تمس أمننا الوطني ، ومصالحنا الاستراتيجية،  وفي تقديري أن ذلك يحتاج إلى إطار عربي ، ولاحقا إلى شراكة إقليمية ودولية،  انطلاق المبادرة من الأردن ،تحديدا ، سيمنحها تأثيرا ومصداقية اكثر ، كما يعطي الأردن فرصة للخروج من حالة التصعيد الدبلوماسي التي تبناها منذ بداية الحرب ‏، إلى حالة الفاعلية السياسية ، كشريك في الحل.

‏أعرف ،تماما ، أن أطراف الحرب ما تزال تقف على الشجرة ، و أن إسرائيل ،تحديدا ، تبحث عن صورة انتصار لاستعادة هيبتها وقوة ردعها ، وحتى الآن لم تحقق أهدافها، كما أن نتنياهو يبحث عن مزيد من الوقت لتجنب  محاسبته على خسارته السياسية والعسكرية ، أعرف ،أيضا ، أن واشنطن مازالت تتحرك ببطء شديد للموافقة على أي صيغة لإنهاء الحرب ، لأسباب أصبحت معروفة ، أعرف ،ثالثا ، أن لدي المقاومة اصرار على مواصلة الصمود ‏، وعدم الخروج من الحرب بأي شكل من أشكال الهزيمة ،بعد الثمن الكبير الذي دفعته في غزة.

‏لكن ،في المقابل ، لدى الجميع قناعة بأن هذه الحرب لن تنتهي بانتصار حاسم لأي طرف ، كما أن استمرارها اصبح مكلفا للجميع  ، وربما عبثيا،  ولدى إدارة بايدن ، بتقديري، توجه لإيجاد مخرج لاسرائيل ، لا لنتنياهو، وعليه فإن الحل السياسي هو السبيل الوحيد ، ولكي يكون ملزما للطرفين ، لابد أن يحظى بتوافق وضغط عربي وإقليمي ودولي،  وقبل ذلك مسار عقلاني وواقعي يساعد الجميع  للخروج من الحالة الصفرية،( منتصر او مهزوم) ،  ويجنب المنطقة ، وربما العالم، التورط في براكين المزيد من الحروب المدمرة.

‏لا يوجد لدي اقتراحات يمكن أن أضعها كإطار لأي مبادرة قد تفكر بها الدبلوماسية الأردنية،  لكن المؤكد أن لدى الأردن ما يلزم من تصورات وعلاقات واتصالات يمكن أن تنضج هكذا مبادرة ، كما أن لدى الطرف الفلسطيني ،والمقاومة تحديدا ، أفكارا يمكن أن تساهم في إنجاحها ، زد على ذلك أن مجرد القيام بها سيشكل" جس نبض " لأطراف مهمة في المنطقة والعالم حول مستقبل ‏دورنا القادم ، فيما يتعلق باليوم التالي لما بعد الحرب ، أقصد دور الدول المحسوبة على خط الاعتدال والوساطات، والمرتبطة بعلاقة مع كل الأطراف،  ، وفي مقدمتها الأردن.

‏الدبلوماسية الأردنية ،تاريخيا،  تعاملت مع القضايا الكبرى بمنطق الدولة المبادرة  ، وأعتقد أنها ستتتعامل الآن مع هذه الحرب البشعة ،وتداعياتها،  بذات المنطق ، حيث لا مصلحة لنا بالوقوف أعلى الشجرة ، ولا بتقمص دور أي طرف ،مهما كان ، ولا باسترضاء الذين يريدون أن نذهب لمزيد من التصعيد او الانكفاء السياسي  ، أو الآخرين الذين لبسوا عمامة "الآيات " و ساحات الممانعة،  لقد كنا ،وما نزال،  مرجعية لاجتراح الحلول ، وتقديم المقاربات السياسية،  و إطفاء الحرائق والصراعات،  ‏ومهمتنا اليوم تفرض علينا أن ندعم أشقاءنا بالفعل لا بالشعارات والهتافات ، وأن نساعدهم لانتزاع انتصار سياسي يستحقونه،  ويكافيء ما قدموه من دماء وتضحيات. هل سننجح في ذلك ؟ لا ادري، المهم ان نحاول .


تنويه.. يسمح الاقتباس وإعادة النشر بشرط ذكر المصدر (صحيفة أخبار الأردن الإلكترونية).