الاحتلال يقتل 100 طفل يوميا منذ 7 أكتوبر
أظهرت معطيات نشرها المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن قوات الاحتلال الصهيوني تسحق براءة أطفال غزة وتقتل ما معدله 100 منهم يوميا منذ إطلاق هجومها العسكري واسع النطاق ضد القطاع في السابع من تشرين أول/أكتوبر الجاري.
ووثق المرصد الأورومتوسطي استشهاد 1046 طفلا فلسطينيا حتى ليلة أمس الاثنين، ويقدر بوجود 167 آخرين تحت أنقاض المباني السكنية المدمرة بفعل هجمات الاحتلال وتعذر انتشالهم حتى الآن.
وأضاف أنه وثق إصابة 3250 طفلا آخرين بجروح مختلفة -بينهم ما لا يقل عن 1240 جراحهم تحتاج إلى رعاية طبية متخصصة- يعانون مرارة الألم والفقد وسطوة الجراح بفعل هجمات إسرائيل المكثفة على أحياء سكنية ومقرات مدنية في انتهاك صارخ لقواعد حماية الأطفال المكفولة بموجب القانون الدولي والإنساني.
وقال المرصد الحقوقي إن أطفال غزة تأذوا بحدة منذ بدء الهجوم الإسرائيلي الحالي وظهروا كهدف أول ل”المذبحة الجماعية” المتواصلة ضد الفلسطينيين حيث أزهقت الأرواح وتمزقت الأسر ولحقت آثارا مدمرة بالأطفال.
وذكر أن من نجا من القتل من أطفال غزة نجد أنهم فقدوا أحد الوالدين أو كلاهما أو دمرت أو تضررت منازلهم أو أجبروا على النزوح مع عوائلهم هربا من هجمات إسرائيل أو خشية من إنذارات الإخلاء القسري.
ونبه إلى توثيق مئات الصور ومقاطع الفيديو التي تظهر تهشما لرؤوس الصغار وشظايا تخترق البطون والقلوب الصغيرة، في وقت حطم الركام المتناثر من البنايات السكنية التي دمرت فوق رؤوس قاطنيها أجساد مئات الأطفال الصغار.
وأضاف أن النسبة الأكبر من الأطفال الجرحى في غزة تركوا يعانون من حروق مروعة وجروح بالقذائف وفقدان أطراف، فضلا عن معدلات قياسية من التأثير النفسي والرعب بينما يتركون مع عوائلهم من دون أي ملجأ أمن.
وتعد الطفلة “نبيلة نوفل” أصغر شهيدة في قطاع غزة إذ ولدت يوم السابع من تشرين أول/أكتوبر، الذي شهد بدء جولة القتال الحالية واستشهدت بعد أسبوع فقط في غارة إسرائيلية على غزة بعد أن اخترقت شظية جسدها الغض.
وفي إفادة للمرصد الأورومتوسطي، قال الفلسطيني: “طلعت أبو لاشين” إن 16 من أفراد عائلته قضوا في غارة إسرائيلية على منزلهم في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة منهم 8 أطفال كانوا نائمين.
أما “صلاح الخياط” فإنه فجع باستشهاد زوجته هبة وأطفالهما الثلاثة، من بين 15 آخرين في منزل عائلتهما في مدينة رفح جنوب القطاع، جراء غارة جوية إسرائيلية دمرت المنزل فوق رؤوسهم، ولم ينج سوى طفلته إيلياء (4 أعوام).
وقال المرصد الأورومتوسطي إن التأثير على العائلات والأطفال لا يتمثل فقط في أعداد القتلى والإصابات، وإنما كذلك في التأثير النفسي الحاد، وتأثرهم بانقطاع الإمدادات الإنسانية من كهرباء وماء وغيرها من الخدمات الأساسية.
وأوضح أن ما يجرى لأطفال غزة الذين يمثلون أكثر من 45% من المجتمع المحلي يهددهم بأعراض نفسية قوية مثل الفزع الليلي والهلاوس والوساوس القاهرة والهلع الزائد والخوف الشديد وصعوبة شديدة في النوم في ظل استهداف المناطق السكنية.
وأكد الأورومتوسطي أن أطفال غزة يدفعون ثمنا باهظا لتداعيات هجمات إسرائيل العشوائية بشكل مضاعف، ليس فقط لأنهم عرضة للقتل والإصابات البالغة ولكن للآثار والرواسب النفسية المؤذية التي قد تلازمهم بقية حياتهم.
وأشار إلى مخاطر الارتفاع الشديد في معدلات الاكتئاب للأطفال في غزة لاسيما في حالة مقتل أحد من عائلته أو أقاربه أمامه أو يصابون إصابات بالغة أو يتهدم منزلهم وتتبعثر محتوياته، وبعضهم قد يفقد النطق من فرط الرعب.
وأشار إلى أن هذه المضاعفات النفسية تهدد حاليا عشرات الآلاف الأطفال في غزة ممن أجبروا على النزوح القسري وباتوا مشردين عند أقارب لهم أو في مراكز إيواء أو حتى ممن أجبروا على البقاء في العراء.
وشدد المرصد الأورومتوسطي على أن إسرائيل تنتهك في حربها على غزة واستهدافها الممنهج للأطفال عددا من قواعد القانون الدولي، في مقدمتها عدم الالتزام بالتمييز بين المدنيين والمقاتلين وتعمد الإضرار بالمدنيين وممتلكاتهم.
ونبه إلى أن المادة “25” من اتفاقية لاهاي تنص بوضوح على حظر مهاجمة أو قصف المدن والقرى والأماكن السكنية أو المباني المجردة من وسائل الدفاع أيا كانت الوسيلة المستعملة.
ويؤكد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أن تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية “يشكل جريمة حرب”.
كما أن القواعد الدولية تنص على حماية خاصة للأطفال في النزاعات المسلحة، وجعلت من تجنب المساس بهم واجباً على الأطراف المتحاربة، بوصفهم من المدنيين المتمتعين بالحماية الدولية.
وجعلت الاتفاقيات الدولية المساس بالأطفال جريمة يعاقب عليها القانون؛ مثل اتفاقيات جنيف الأربع وبروتوكوليها الإضافيين لعام 1979، واتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، غير أن إسرائيل لا تنصاع لأي قواعد للقانون الدولي بالعموم، ومنها ما يتعلق بالأطفال.
وختم المرصد الأورومتوسطي بأن القوات المسلحة الإسرائيلية تمتلك تقنيات عسكرية متقدمة تمكنها من تحديد الأهداف بدقة تكفل تجنيب المدنيين والأطفال دائرة القتل، وهو ما يعني أن الابتعاد عن حصد أرواح الأطفال الأبرياء “ممكن عملياً”، إلا أن الهجمات الإسرائيلية بعيدة عن هذا الالتزام بشكل واضح.