حرب غزة.. ومستقبل الشرق الأوسط

{title}
أخبار الأردن -

د. راكز الزعارير

ما يحدث اليوم في غزة ليس مجرد معركة مستعرة بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الاسرائيلي، بل هي جزء من حرب مستمرة ستغير معادلات متعددة في منطقة الشرق الاوسط، و في التحالفات الدولية القائمة بشانها حاليا.

الحرب والصراع العسكري مع إسرائيل على ارض فلسطين بدأ عام ١٩٤٧، ولكن معركة غزة اليوم على رأس سلسلة الحروب العربية الاسرائيلية، فهي مواجهة عسكرية مباشرةً بين المقاومة الفلسطينية مع إسرائيل دون مشاركة ميدانية عربية على ارض المعركة.

وهذا أمر له ابعاد في إسرائيل والمجتمع اليهودي في العالم، اهمها ادراكهم بان الشعب الفلسطيني لن يقبل باي ثمن، الظلم الذي يهدد الفلسطينيين وحقوقهم المشروعة وامنهم بوطنهم التاريخي فلسطين، مهما بلغت التضحيات أو المغريات.

والبعد الآخر أن المجتمع الدولي والدول الداعمة لإسرائيل، باتت اليوم في صدمة كبيرة من صلابة المقاومة الفلسطينية وارادة الفلسطينيين الفولاذية، المتمسكة بحقوقهم الغير قابلة للمساومة او التصرف.

معركة غزة رسخت أن الإرادة الفلسطينية ممتدة ومتجذرة منذ ٧٥ عاما، وستبقى وتتجدد المقاومة بمسميات متعددة، وان الشعب الفلسطيني الذي انتج المقاومة في غزة، هو لن يتغيير او يتبدل بوجود او عدم وجود تنظيمات تحت اي مسميات حتى ينال حقوقه المشروعة، لأنه، في مختلف تياراته السياسية والفكرية يمينية ويسارية على عقيدة واحدة نحو حقوقه المشروعة في وطنه فلسطين.

معركة غزة أسقطت في هذه المرحلة من الحرب نظرية تفوق الالة العسكرية الحديثة للجيش الاسرائيلي المحترف بالضربة الاستباقية، وضللت اجهزته الاستخباراتية المتقدمة جدا في عالم الاستخبارات الهجومية والدفاعية، وذلك لسبب واحد، وهو ايمان غزة وشعبها بالحق الفلسطيني الذي دونه بالنسبة لهم ولكل شعوب العالم شرف الموت والشهادة.

حرب غزة لها تداعيات استراتيجية، عاجلا او اجلا ستتضح أبعادها الكبيرة، واهمها تغيير منتظر في وجه منطقة الشرق الاوسط ومسارات القضية الفلسطينية ومستقبل الدولة العبرية، ليس على طريقة خريطة رئيس الوزراء نتانياهو التي عرضها في الجمعية العامة للامم المتحدة موخرا وشطب منها الوجود الفلسطيني من على أرضه المحتلة، وانما على طريق تضحيات وإرادة غزة وشعب فلسطين.

معركة غزه جزء من حرب طويلة ممتدة، تسجل اليوم سفرا جديدا في صفحة التاريخ الفلسطيني، وكما كانت معركة الكرامة على نهر الاردن عام ١٩٦٨، الذي سجل فيها الجيش العربي الاردني تاريخا بطوليا حطم احلام صهيونية طامعة بالاردن، وعزز الكرامة الاردنية والفلسطينية والعربية التي عانت من عقدة الهزيمة عام ١٩٦٧ واسقط نظرية الجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر.

معركة غزة بالتاكيد ستحدث تغييرًا استراتيجيًا اخر في العمق الداخلي لإسرائيل وعلى كافة المستويات؛ السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعسكرية والامنية.. كل شىء سيناله التغيير داخل إسرائيل.. بفعل غزة وشعب فلسطين.

قضية فلسطين وإسرائيل باختصار.. اعطوا الشعب الفلسطيني حقوقه كباقي الشعوب.. تحظى إسرائيل بالامن، هذه المعادلة لن تغيرها كل قوى واسلحة العالم وتحالفته.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير