الموقف العربي الموحد تحت الركام .

{title}
أخبار الأردن -

احمد عبدالفتاح الكايد ابو هزيم

ما زال بيننا أبي رغال يُجدد نعاله ، وابن العلقمي يسعى نحو طموحاته ، وما زال غبار حوافر خيل داحس والغبراء يعلو فوق صليل سيوف أبناء العم ، تلك هي مواقف بعض الدول العربية الرسمية المتباينة حيال عدوان الكيان الصهيوني على غزة ، لتعكس توازن الضعف والهوان الذي يعتري النظام الرسمي ، وتعري ورقة التوت التي تُغلف الخلافات الجوهرية حول الكثير من القضايا العربية ، وعلى رأسها القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية .

بيانات متناقضة لا تنسجم مع الواقع وتبتعد عن المزاج الشعبي العربي المتعاطف والمندمج في حالة وحدوية طبيعية في الدم والمصير مع إخوانهم الشعب الفلسطيني ، الذي يتعرض لكل أشكال القمع والقتل والتهجير والتدمير من عدو صهيوني غاصب ، تساندة الولايات المتحدة الأمريكية أعتى قوة في العالم ، وعدد من الدول الإستعمارية الغربية .

وبكل ما يعتري القلب من آلم ، بعض من هذه البيانات الرسمية أقرب إلى إدانة الفعل المقاوم على أرض فلسطين التاريخية ، والبعض الآخر ساوٓى بين الجلاد والضحية حيث طالبت بوقف العنف بين الطرفين !!! .

تتناسى بعض الدول التي أبتعدت عن عروبتها جذور الصراع القائم على إحتلال الكيان الصهيوني لأرض عربية ، بما تحتويه من شعب ومقدسات ومقدرات وتاريخ وحضارة ، وتشريد أهلها الأصليين وقتل ممنهج لكل من يقاوم مشروعهم الإستيطاني تمهيداً لتهويد ما تبقى من أرض وشجر وحجر استناداً لمزاعم دينية مزعومة .            

المواقف الرسمية المتخاذلة لبعض الدول العربية ، فضحتها كلمات وجمل إنشائية تتماشى مع تعليمات السيد الأمريكي ، الذي أصدر أوامره منذ اليوم الأول بإدانة أعمال المقاومة المتمثلة بحركة " حماس " ، ولم يكتفي بذلك بل ألزم نفسه كطرف أصيل في الحرب على غزة  .

منذ إعلان قيام دولة الكيان في منطقتنا العربية ، والولايات المتحدة الأمريكية تكيل بمكيالين ، من جانب تنادي بالديمقراطية ومن جانب آخر تدعم الأنظمة الفاسدة المستبدة حول العالم ، وفي كل المحافل الدولية تطالب بِاحترام حقوق الإنسان ، وهي من اِنتهكت هذه الحقوق في العراق وافغانستان ، وتنادي بتطبيق قرارات مجلس الأمن ، وهي من تجاوزتها عندما غزت العراق ، وهي من عطلت جميع القرارات الخاصة بحقوق الشعب الفلسطيني ، وتدعم غطرسة الإحتلال وتوفر له الغطاء السياسي والأمني والإقتصادي ، وها هي اليوم كما كانت دائماً تنظر إلى فلسطين المحتلة بعين الكيان الصهيوني ، وتغض النظر عن ما تفعله الآلة العسكرية المدعومة من قبلهم من قتل للمدنيين الفلسطينيين العزل ، وهدم للممتلكات والمستشفيات والمراكز الصحية ، والمدارس والجامعات ، وبيوت العبادة ، والبنية التحتية من كهرباء وماء وطرقات ، وكأنها لا تعلم أن هناك أحياء كاملة قد سويت بالأرض ، وأبراج سكنية تحتوي على عشرات الشقق أصبحت أثراً بعد عين ، وعائلات كاملة استشهدت ، ومئات آلاف من المواطنين الغزيين نزحوا عن بيوتهم .

أمريكا والدول الغربية أعلنت وقوفها التام مع دولة الكيان الصهيوني ، وأعطتهم شيك على بياض بعمل كل ما يرونه مناسب لشن حرب إبادة جماعية على قطاع غزة ، وهذا ليس بغريب أو جديد على هذه الدول الإستعمارية ، استمراراً لمواقف سابقة لهم منذ تأسيس هذه الكيان صنيعتهم وربيبتهم الذي يعمل على خدمة مصالحهم في الهيمنة على المنطقة العربية ، ويوفر لهم بيئة خصبة لتعطيل المشروع النهضوي العربي الإسلامي الذي يهدد وجود وأمن وإستقرار هذه الدول بحسب مفاهيم مزعومة ترسخت في أدبياتهم .

عجز قادة الإحتلال الصهيوني من حسم الصراع في فلسطين التاريخية لصالحهم بفعل عودة مشروع التحرر الفلسطيني عبر البندقية ، وتصاعد وتيرة المقاومة هو مصلحة عربية بالدرجة الأولى لأن تهويد كامل فلسطين يعني تشريد أهلها إلى دول الجوار والشتات ، والبدء بتنفيذ المرحلة الثانية من إقامة إسرائيل الكبرى القائمة على التمدد شرقاً .

المشروع الصهيوني لن يتوقف على ضفاف نهر الأردن ، وحدود قطاع غزة إن كُسرت إرادة الشعب الفلسطيني ، ولقد بدأت ملامح المرحلة الثانية التمهيدية بالتشكل من خلال ما يسمى بمعاهدات السلام والتطبيع ، والمشاريع المشتركة ، والأخطر من ذلك كله ما يجري من إضعاف وتقسيم للدول العربية المحورية وإذكاء للنزاعات الإثنية والدينية حتى يسهل التحكم والسيطرة عليها من قبل إسرائيل الكبرى .

البيانات المتخاذلة لبعض الدول العربية المتناغمة مع الرغبة الأمريكية، ليست بجديد ، فالتاريخ يعيد نفسه بما يحمله من مواقف مشينة لأنظمة أخذت على عاتقها خذلان شعوبها وأمتها العربية ، والوقوف في صف الأعداء أو الحياد كما تدعي معللة ذلك بأسباب ظاهرها مصلحة بلدانها ، وباطنها عمالة وخنوع وخذلان ومكاسب تُحقق لهم البقاء على كرسي الحكم أطول فترة ممكنة .

 

يتقدم الموقف الرسمي والشعبي الأردني كما هو دائماً على ما سواه من مواقف عربية وغير عربية بالوقوف إلى جانب أشقائه في فلسطين ، بحكم علاقة الدم والمصير التي تربط الشعبين الشقيقين  .
       
ويُحمل البيان الرسمي الأردني الكيان الصهيوني مسؤولية ما يجري نتيجة الإعتداءات والإنتهاكات الصهيونية على الشعب الفلسطيني ، والمقدسات الإسلامية ، والمسيحية ، وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه ، وإن أصل المشكلة هو الإحتلال ، ولن تستقيم الأمور إلا بالإعتراف الكامل بحق تقرير المصير ، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس ، وإن أي حلول لا تلبي مطالب الشعب الفلسطيني مصيرها الفشل .

وفي الجانب الإنساني وجه الملك عبدالله الثاني الحكومة بإرسال مساعدات إنسانية وطبية عاجلة لقطاع غزة عن طريق معبر رفح بالتنسيق مع الحكومة المصرية وكذلك تحديد الإحتياجات المطلوبة للأشقاء في الضفة الغربية وتوفيرها بالسرعة الممكنة.

 

التنسيق العربي المشترك ، واتخاذ موقف موحد بإدانة ما يقوم به الكيان الصهيوني من أعمال وحشية في فلسطين المحتلة ، وتقديم جميع أشكال الدعم للشعب الفلسطيني والمقاومة ، ضرورة ملحة في هذه الأوقات وذلك لوأد المشروع الصهيوني التوسعي  .
حمى الله الأردن وفلسطين وسائر البلاد العربية .
تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير