الكلفة الاقتصادية لحرب غزة
د.رعد محمود التل
الكلفة الاقتصادية لحرب غزة باهظة على اقتصاد الاحتلال، صحيح أن معظم التقديرات ما تزال أولية، لكن المؤشرات ومدلولاتها توحي بالكلف الكبيرة من جراء تلك الحرب، فبحسب التقديرات والتوقعات الأولية لوزارة المالية في تل أبيب، يصل حجم الضرر في الممتلكات نتيجة اليوم الأول فقط لبدء عملية طوفان الأقصى لأكثر من 35 مليون دولار، لتصل قيمة ما سيخسره القطاع الخاص هناك إلى حوالي 60 مليون دولار بكل يوم إغلاق، مع تعطل 35 % من القوى العاملة في المناطق الجنوبية بحسب اتحاد المصنعين الإسرائيليين.
كما تظهر الإحصائيات، أن قطاع الزراعة قد تعرض لخسائر بلغت ملايين الدولارات بسبب تدمير المزروعات، وتقدر تكلفة إعادة بناء البنية التحتية التالفة بأرقام تزيد على 100 مليون دولار، إضافة للنقص الشديد في كمية المعروض من المنتجات الزراعية والدواجن المصحوبة بانخفاض القوى العاملة في تلك القطاعات نتيجة حالة الطوارئ. الزيادة في الطلب مع محدودية العرض ستدفع دون أدنى شك باتجاه الزيادة في الأسعار تدريجياً لمجموعة من المواد الأساسية. وسيُعزى هذا التضخم إلى اضطرابات في سلاسل الإمداد، خاصة مع توقف حركة الموانئ والمطارات.
بالنسبة لبورصة تل أبيب، فقد شهدت تقلبات في الأسواق المالية، إذ انخفض مؤشر بورصة تل أبيب بنسبة 8 % في إغلاق تعاملات الأحد الماضي، وهو ما يقارب 23 مليارا من القيمة السوقية لبورصة تل أبيب، وهو أول أيام التداول بعد انطلاق عملية "طوفان الأقصى"، وقد سجل مؤشر البنوك تراجعا كبيرا بلغ 8.7 %، كما سجلت المؤشرات الفرعية الأخرى انخفاضا في قطاع الإنشاءات بنسبة
9.5 %، والتأمين 9.4 % والاستثمار 9 % والطاقة بحوالي ـ9.2 %.. طبعاً هذه الأرقام هي كلف باهظة على الاقتصاد الإسرائيلي الذي تشكل البورصة ما مقداره 54 % من الناتج المحلي له.
كما ستزيد الضغوطات باتجاه انخفاض قيمة الشيكل الإسرائيلي المنخفض بالأساس خلال آخر 8 سنوات مقابل العملات الأجنبية، فحالة عدم الثقة في الشيكل ستدفع كل من يمتلكه لاستبداله بالدولار أو أي عملة أخرى أكثر أماناً، وهذا سيؤدي لانخفاض قيمته أكثر؛ حيث انخفض الشيكل الإسرائيلي إلى أدنى مستوى له منذ ثماني سنوات تقريبًا مقابل الدولار الأميركي في أحدث التعاملات أكثر من 3 % مقابل الدولار إلى 3.95.
يتوقع أيضاً أن تنخفض الاستثمارات والسياحة القادمة الى إسرائيل وأن تتراجع بأرقام كبيرة؛ حيث انخفضت الاستثمارات بصورة مباشرة بمقدار
60 %، ليشكل ذلك ضربة قوية للناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل المتوقع بأن ينخفض بشكل مؤقت بنسبة تتراوح بين 0.5 % و1.5 % خلال العمليات. طبعا كل هذه التقديرات تعتمد على مدى الأضرار والجهود المبذولة للتعافي.
ما تزال الأرقام النهائية تحسب، لكن التقديرات الأولية تشير إلى أن تكلفة إعادة بناء البنية التحتية وتقديم تعويضات للمزارعين والأعمال التجارية قد تجاوزت 300 مليون دولار حتى الآن. كل هذه الأحداث ستؤثر بصورة مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد الإسرائيلي، وبالذات الأسواق المالية والسياحة والاستثمار، إضافة للكلفة العسكرية الباهظة وانخفاض قيمة الشيكل، كل ذلك سيخفض توقعات النمو الاقتصادي (التي وصلت الى 3 % في تل أبيب) باتجاهات كبيرة مع تعطل الحياة الاقتصادية وتعطل الحركة التجارية والصناعية.