العمة حنيفه الهليّل

{title}
أخبار الأردن -

د. حسين العموش

"بعيدا عن تمويل حملات التوعية بحقوق المرأه، وقبل ان يدخل الى قاموسنا الوطني مصطح الجندر، كان الاردنيون يقدرون دور المرأه تقديرا فعليا وليس شكليا كما هو الان.

بالاربعينيات والخمسينات من القرن الماضي كانت للمرأه الدور الكبير في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وقبلها ايضا ومنذ تأسيس المملكة الاردنية الهاشمية كانت المرأه الاردنية جزءا لا يتجزء من الحياة العامة.


لدي امثله عديدة كانت المرأة الاردنية صاحبة الكلمة وصاحبة الرأي الحصيف حين يُبحث عن المشورة.

شواهد تاريخية كبيرة سجلها التاريخ عن نساء اردنيات كان لهن الدور الكبير في الحياة السياسية قبل وبعد تأسيس المملكة.

لن ادخل في الاسماء والمسميات، ففي كل قرية اردنيه يوجد نموذج للمرأة الناضجة فكريا والتي وصلت الى مستوى الحكمة، يطلق عليها المرأة الحكيمة، وهي درجة لا يصلها الا نسبة قليلة من الرجال.

في ذاكرة كل اردني عاش او عايش او نُقل له عن تلك الفترة الزمنية اسم او اكثر لامرأه قوية الشخصية ذات تأثير كبير في محيطها وقريتها.

في قريتي الهاشمية الشرقية قبل ان تصبح لواءً لدي اسماء من النساء القياديات صاحبات الموقف والكلمة والحكمة معا.

امرأة كان لها تأثير كبير في تلك الفترة،يعرفها ويتذكرها ابناء جيلي والجيل الذي سبقني.

الحاجه (حنيفه الهليّل)زوجة العم الكبير قدرا وشأنا محمد فلاح ابو اسمير (ابو خالد) شافاها الله.

امرأه وصلت الى درجات الحكمة الفكرية والثقافية والاجتماعية بمعناها العلمي، نتمنى لها الشفاء فهي تعاني اليوم المرض والضعف، هذه المرأه كانت تقوم بأدوار اجتماعية غاية في التعقيد، فضلا عن دورها الشاق في الحياة، وهو الدور الذي عاشته المرأه الاردنية قبل حالة التمدن الزائف.

"بيت عمي ابو خالد ومضافته كانت مفتوحة على مدار الساعة، حتى وان كان زوجها غير متواجد في البيت، كانت تستقبل الضيف وتقوم بواجبه على اكمل وجه، وتربي ابناءها على قيم الرجولة والشهامة والفزعة والصدق، فخرج منهم الاستاذ والمربي والمهندس والضابط.

كنا نلعب ذات يوم بالوادي المحاذي لمدرسة ابن الانباري مرّت بجانبنا، قالت حكمتها المقتضبة ومشت، كنا نلعب لعبة الاطفال المعروفة (حرامي وشرطي)، سألتنا وهي تسير على عجل: ماذا تلعبون؟

ذهبت اليها باحترام وتقدير كبيرين،اجبتها: نلعب حرامي وشرطي، ضحكت قبل ان تقول: مين الحرامي؟

قلت لها وانا اشير الى ابن عمي: فلان.

قالت بحزم لا تلعبوا هذه اللعبة،(ما بيكم الحرامي، الحرامية مهم هان، الله يكفينا شرهم)

ضحكنا حينها واكملنا اللعبة.

خلال سنوات عمري كنت اتذكر كلماتها وارددها، وحين وعيت، اثّرت في حكمتها،كانت تريد ان تعطينا درسا كبيرا في الحياة.

صدقت تماما حين قالت: (الحرامية مهم هان) ماذا كانت تقصد؟"

"كان السؤال يلحّ علي بشغف كبير: ماذا تقصد ان (الحرامية مهم هان).

بعد اربعين سنة ادركت معنى حكمة العمة الغالية ام خالد حين قدمت لنا حكمتها وقالت لنا لا تلعبوا هذه اللعبة، اوصلت لنا رسالة الحكمة حين قالت (الحرامية مهم هان)

كنت اود ان اسألها لكن الوقت والجرأة لم يسعفاني:(اين الحرامية اذا؟)"

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير