وجه جديد للمنطقة

{title}
أخبار الأردن -

محمود الخطاطبة

الخطاب الذي ألقاه رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمام الجمعية العامة للأمم المُتحدة في دورتها الـ78، التي انتهت أعمالها مؤخرًا، تضمن عدة محاور، على رأسها وأهمها: آثار التطبيع والسلام مع دول عربية، ودوره في خلق شرق أوسط جديد، فضلًا عما تضمنه من عرض لخريطة للمنطقة، لا وجود فيها لدولة فلسطينية.

ذلك خطاب، أو نهج حياة، يمضي به "المحتلون الإسرائيليون"، يؤشر من جديد على ما هو مؤكد قديمًا، حول أن أولئك "العلوج"، لا يجنحون للسلام أبدًا، ولا يُريدونه طريقًا، إلا بمقدار ما يحققون من ورائه، فوائد، تعود بالنفع الوفير على "دولتهم" المزعومة، ورعاياها المُغتصبين.

محوران أساسيان، ركز عليهما رئيس العصابة الإسرائيلية، يتمثلان بوجود شرق أوسط جديد، أو بمعنى أصح على "مقاسهم" أو "مقاس" أسيادهم من قبل، يُقسمون فيه الدول المُقسمة أصلًا، ويدعمون أقليات فيها، ليس لإنصافهم أو لإحقاق حقوق، بل لزرع فتن وضغائن بين الأشقاء، ثم منطقة بلا دولة فلسطينية، الأمر الذي يعني "نعي" القضية المركزية في العالم، والرمي بها إلى المجهول.. ذلك ما أشار إليه نتنياهو بالقول "ناقشت ذلك التصور للسلام"، مع الرئيس الأميركي جو بايدن.

هذان محوران، يدلان بشكل واضح بيّن، لا لُبس فيه، على أن "الصلح أو السلام"، مع الكيان الإسرائيلي، أو حتى مُعايشته، يُعد ضربًا من ضروب الخيال، أو كالذي يبحث عن إبرة في "كومة قش".. تصريحات وتقارير وقرارات وإجراءات، أصحابها متطرفون إسرائيليون في مواقع المسؤولية، تدل على أن العملية السلمية باتت في غياهب الجُب، وأنه لا سلام مع عصابات بني صهيون.

تلك كلمات بدأت بها، لكي أقول ما هو يقين لأبناء الشعوب العربية، على اختلاف مُستوياتهم، بأننا لا نُريد حربًا مع العدو الإسرائيلي، لا نُريد مُجابهته.. لكن بالمُقابل يتوجب على العرب القيام بخطوات وإجراءات، حقيقية وجدية، هدفها الأول والأخير دعم الفلسطينيين بشكل عام، والمُقاومة الفلسطينية بشكل خاص.

لا نُريد خوض حروب مع العدو، أو حتى مواجهات شبه عسكرية، لعدة أسباب، صغيرنا وكبيرنا، وأقلنا تعليمًا، يعيها ويُدركها جيدًا.. إلا أننا نُريد أن تبقى حالة اللاسلم واللاحرب، قائمة مع أولئك المُحتلين المُغتصبين، فالكثير يعلم كم كانت خسارة دولة الاحتلال إبّان الانتفاضة الفلسطينية الأولى العام 1987، إذ كانت تخسر إسرائيل مئات الملايين من الدولارات، سنويًا.. صحيح بأن الشعب الفلسطيني قدم شهداء وقتها، وما يزال، لكن ذلك وطن يُريد تضحيات.

بما أن الحديث الدارج هذه الأيام، يتمحور حول اتفاقات وصفقات وتطبيع، وشرق أوسط، بحلة جديدة، بلا أي وجود لأُناس قدموا مئات الآلاف من الشهداء، بُغية الحصول على وطن يؤويهم.. فإنه من الواجب، ولكي لا يُظلم ذلك الشعب، الذي يرزح تحت أقدم احتلال في العصر الحديث حتى كتابة هذه السطور، أن يُقدم لهم الدعم المادي والمعنوي.

ثم إن دعم تلك الفئة القابعة تحت نيران الاحتلال، له فوائد جمّة، منها ما قد يُعتبر بأنها ورقة "ضغط"، يتم استخدامها لتحقيق هدف ما، ومنها "تبرئة" الأجيال الحالية، في حال اعترضت الأجيال القادمة، عندما تتساءل "ماذا قدمتم لفلسطين وأهلها؟".. مرة جديدة، قد نكون غير جاهزين لخوض حرب، أو حتى عملية عسكرية خاطفة ضد الكيان، لكن يقينًا نحن قادرون على دعم أهل فلسطين في مُقاومتهم للمُحتل، لو من باب "تبييض" الوجوه، ودم التصفيق للظالم والمُحتل.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير