الأردن والمخدرات... حكمة وحزم
مع تزايد الحديث الأردني عن التهديدات القادمة إليه من سورية عبر حرب المخدرات، هنالك سؤال يلحّ عليه الإعلام- وخاصة الخارجي- عما سيفعل الأردن، ولعل حديث الملك خلال تواجده في نيويورك الأسبوع الماضي وكلامه الصريح والمباشر حول قدرة النظام السوري على ضبط الأمور ودور إيران المباشر ودور المليشيات التي تتبعها، هذا الحديث الواضح فتح الباب أمام تساؤل عما سيفعله الأردن في مواجهة استمرار محاولات الاستهداف وسلبية النظام السوري.
والإجابة نجد جزءا مهما منها في تصريحات الملك في أكثر من مناسبة، وجزءا آخر يمكن قراءته في نهج الأردن في التعامل مع الأزمة السورية منذ أن كانت قبل حوالي 12 عاما.. ويمكن قراءة الموقف الأردني على النحو التالي:-
1 - أن الأردن يتعامل مع أمنه واستقراره بشكل حازم جدا سواء بالوسائل التي يعلمها الرأي العام أو لا يعلمها، والأخطار خلال سنوات الأزمة السورية كانت كبيرة جدا وربما أكبر من حرب المخدرات، فالمناطق الحدودية لم تكن فيها سلطة للدولة السورية، وكان نشاط التنظيمات الإرهابية والمتطرفة كبيرا، وأحيانا قريبا من الحدود، لكن الأردن استطاع حماية أمنه واستقراره دون أن يكون له جندي داخل الأرض السورية، وحافظ على نهجه بعدم الانغماس عسكريا في سورية، ومارس ما سمي بالدفاع المتقدم داخل سورية عبر علاقات وتنسيق مع قوى اجتماعية وأيضا من خلال نشاط أجهزته الأمنية المختلفة، التي عملت باحتراف وكانت على صلة ومعرفة بكل ما يمكن أن يهدد الأردن.
2 - أن الأردن استبعد خيارات المنطقة العازلة لأنها كانت تعني دخولا عسكريا لسورية، ولم يتبنَ النموذج التركي، ولم يصنع تنظيمات سورية لمصلحته تعمل في المناطق الحدودية وتسيطر عليها، بل كان معنيا بعودة الدولة السورية لإدارة هذه المناطق، لأن هذا كان جزءا من موقفه السياسي بالحياد ما أمكن مع فعل كل ما يلزم لحماية أمنه.
3 - وما يفعله الأردن في مواجهة حرب المخدرات يقوم على الاعتماد على قواته المسلحة وأجهزته الأمنية في ضبط الحدود بما في ذلك النشاط الاستخباري داخل سورية، والمسار الموازي محاولة بناء تنسيق مع الدولة السورية من أجل أن تقوم بواجبها في حماية حدودها، لأن التصنيع والتجهيز للتهريب يتم داخل سورية، وأيضا كان هذا ملفا مهما في المبادرة العربية وقبل ذلك كان جزءا من التنسيق مع روسيا قبل أن تنشغل بحربها مع أوكرانيا.
ورغم التلكؤ وضعف الاستجابة السورية إلا أن الأردن ما زال يحاول، لكن القاعدة الكبرى ما يقوله الملك دائما بأن الأردن سيفعل كل ما يمكن لحماية حدوده وأمنه وهي قاعدة تصلح لكل الخيارات، فالحزم عنوان رافق تعامل الأردن مع كل معطيات الأزمة السورية لكن بحكمة تحقق موقفه السياسي الذي ثبتت قوته ودقته.