أعداد المدارس الخاصة بلا توازن!

{title}
أخبار الأردن -

محمود الخطاطبة

الكثير من الوزراء والمسؤولين، كل في مجال عمله أو تخصصه، يتحدثون في كُل مُناسبة أو لقاء، عن التقدم الحاصل على أكثر من صعيد، خصوصًا فيما يتعلق بالتعليم والصحة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وكذلك شبكة المواصلات والطرق.. وهذا كلام لو كان قريبًا من الحقيقة والواقع، لما رأينا تفوق القطاع الخاص بمجالي التعليم والصحة على نظيريهما في الحُكومة.

أود التطرق من خلال هذه الكلمات، إلى قضية أو مُعادلة التعليم، أيًا كان مُسماها، وأقصد هُنا ابتعاد أو تخلي الحُكومة عن مُهمة رئيس، كفلها الدستور، تتضمن توفير التعليم لأبناء الوطن. فالحُكومات المُتعاقبة فتحت المجال واسعًا لرأس المال ليصول ويجول، في إنشاء مدارس خاصة، وبكثرة خلال فترة وجيزة، بلا أي توازن بينها وبين المدارس الحُكومية، أو الخطر الذي سيُصيب التعليم بشكل عام.

الأصل في بلد كالأردن، يواصل الليل بالنهار، من أجل الوصول إلى مصاف الدول المُتقدمة، ألا يكون فيها عدد المدارس الخاصة، قريبًا أو مُساويًا لمثيلاتها في الحُكومة.. إذ يوجد في البلاد ما يقرب من الـ3100 مدرسة خاصة، يدرس فيها نحو 42 بالمائة من مُجمل طلبة المملكة، مُقابل 4005 مدارس حُكومية، عدد طلبتها يصل لحوالي مليون و630 ألف طالب وطالبة.

بداية، أود لفت انتباه القارئ إلى أن المدارس الخاصة في الغرب بشكل عام، وأوروبا والولايات المُتحدة بشكل خاص، مُخصصة فقط لذوي الاحتياجات الخاصة، أو بمعنى أصح أولئك الطلبة الذين يُعانون صعوبات تعلم، أو تلك المُخصصة لأبناء الجاليات المُقيمة في تلك البلاد.

يُلاحظ، أن جميع الطلبة في تلك البلاد، متساوون في الحصول على التعليم، خاصة الإلزامي، فأبناء عمال الوطن والمُهندسين والأطباء والمعلمين والقضاة والمُحامين والعمال بشكل عام والمسؤولين وحتى الوزراء، يدرسون في مدارس واحدة، لا تفريق بينهم.. وهُنا مربط الفرس، فالدولة مسؤولة عن توفير التعليم لأبنائها جميعًا، باستثناء قلة، لهم وضعهم الخاص.

على العكس تمامًا، يحصل في بلادي، فبدلًا من أن تكون المدارس الحُكومية هي الأساس، أصبحت «الخاصة» هي الأصل، و»الأولى» هي الفرع.. وذلك هو ناقوس الخطر الحقيقي، فخلال الأعوام الماضية بدأت الحُكومة تتخلى عن إحدى مهامها الرئيسة، وتركها لأصحاب رأس المال، الذين لا هم لهم، سوى تحقيق أرباح خيالية.

لو انتبهت الحُكومات المُتعاقبة، بعين المُحب والخائف على الوطن ومواطنيه، لما يتم صرفه من أموال تُقدر بمئات الملايين من الدنانير على الطلبة في المدارس الخاصة، لما كانت «أسرفت» في التغافل عن ازدياد أعداد هذه المدارس، إلى هذا الحد، الذي لا يقبله عقل أو منطق.

وبحسبة بسيطة، على سبيل المثال لا الحصر، فإن الأسرة التي لديها ثلاثة أبناء يدرسون في مدارس خاصة، مُضطرة لتأمين ما يقرب من ثمانية آلاف إلى عشرة آلاف دينار سنويًا، لضمان تعليم أبنائها.. وللقارئ أن يتصور كم هو مجموع تلك المبالغ التي يدفعها أولياء أمور لـ42 بالمائة من الطلبة في تلك المدارس.

لو أن الحُكومات المُتعاقبة تريثت قليلًا، لما كانت أقدمت على تلك «الفعلة»، فتلك المبالغ لو كانت مُتوفرة بأيدي الأردنيين، فإنه حتمًا سيتم تدويرها في السوق، أكان من خلال شراء حاجيات أو سلع أو حتى كماليات، وبالتالي تحريك عجلة الاقتصاد الأردني، بما يعود بالنفع على المواطن أولًا، ثم خزينة الدولة، ما بين ضرائب ورسوم وجمارك.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير