مع تطبيق قانون السير بتحفظ

{title}
أخبار الأردن -

د. مراد الكلالدة

أنا مع التعديلات التي إدخلت على قانون السير فيما يتعلق بتغليض العقوبات على المخالفات المتعلقة بأثنين من عناصر الثالوث المروري (المركبة، السائق، الطريق) أما فيما يتعلق بالطريق، والذي لا حول للسائق ولا المركبه فيه ولا قوة، فأتحفظ على تطبيق نصوص القانون التي قد يتسبب فيها تصميم حرم الطريق بالمخالفات والحوادث المرورية.

يعرف حرم الطريق Right of Way  والترجمة الأدق هي حق العبور لأنه يقتطع من الملكيات عند الإفراز أو ما يعرف بالربع القانوني. وتقسم الطرق الى أنواع أو تراتبية Hierarchy  من دولية تربط الدول بعضها ببعض، إلى الإقليمية التي تربط المراكز الحضرية ببعضها، نزولاً إلى الشريانية داخل المدن، ومن ثم التجميعية والثانوية وطرق العبور والطرق المحلية. ولكل نوع منها معايير تصميمية لمسارها الطولي ومقطعها العرضي.

ما يقلقني بالقانون هي المادة 38 منه المتعلقة بالمشاة، حيث يطلب منهم عبور الشارع من الأماكن المخصصة لذلك، وحتى إن وجدت في بعض المواقع فهي تغيب عن غالبيتها، لأن التخطيط الحضري بالأردن يعتمد على الإستعمالات التجارية على الطرقات، مباشرة وبدون طرق خدمية، ومتقابلة على جانبي الشارع. وعلى الرغم من إنتشار المولات في كثير من المدن، إلا أن النموذج السائد هو الدكاكين المتخصصة بالخضار والفواكه، والى جانبها قد تجد محلات المواد التموينة، وكذلك الأدوات المنزلية ولربما مواد البناء وغيرها في تشكيلة فسيفسائية منسجمة ضمن ما يعرف بالإقتصاد الحضري. ويشجع هذا النوع من التجاري الطولي على الإعتداء على الرصفة كإمتداد للمعرض الداخلي.

وبالحديث عن الرصيف، فلا بد من العودة إلى التشريعات الناظمة له، فهو غائب عن قانون تنظيم المدن والقرى والأبنية رقم 79 لسنة 1966 وتعديلاته، ولكنه حاضر على إستحياء بقانون الإدارة المحلية الذي حل مكان قانون البلديات رقم 41 لسنة 2015 حيث ورد بالبند 16-أ بأنه تناط بالبلدية مهمة تصميم وفتح وتعبيد الشوارع التي تقع ضمن إختصاصها وإنشاء أرصفتها ... إلى آخر النص الذي يحمل بجنباته بذور الإنقسام والفرقة بين البلدية ووزارة الأشغال العامة والإسكان المسؤولة عن الطرق النافذة، والتي وإن نفذت تلك الطرق، لا تنفذ أرصفتها. وماذا عن الطرق التي كلفها القانون بعمل بتصميمها، والتي يعتبر الرصيف أحد أجزاء حرم الطريق فيها، فهل تنفذها البلديات.

بالرجوع الى نظام الشوارع والطرق وصيانها ضمن حدود أمانة عمّان الكبرى رقم 144 لسنة 2016 نجد غياب شبه تام للرصيف في النظام فالرصيف مذكور مرة واحدة بالمادة 11-أ "كل من رفع أو أزال أو شوه سطح الشارع أو الرصيف أو واجهة البناء ... الى آخر النص. وقد يقول آخر بأن التشريعات قد خصصت نظام آخر لمعالجة موضوعها، وهذا صحيح، فنجد بأن هناك نظام رقم 152 لسنة 2016 يسمى "نظام الأرصفة في أمانة عمّان" صادر بمقتضى البند 5 من الفقرة (أ) من المادة 5 من قانون البلديات رقم 41 لسنة 2015/ وهذا القانون ملغى بحكم قانون الإدارة المحلية لسنة 2021 فالقانون ملغي من سنتين والنظام ساري المفعول، ما علينا، فهذا حال كثير من القوانين والأنظمة الأردنية التي تنتظر التشريع. نظام الأرصفة المذكور المكون من تسع مواد، ينص بالبند (أ) من المادة الرابعة منه على ما يلي:  يلتزم مالك العقار عند فتح الطريق المحاذي لعقاره بإنشاء الرصيف بطول واجهة ذلك العقار وبناء الأطاريف التي تفصله عن الطريق على نفقته الخاصة ووفقاً لأحكام هذا النظام- والتعليمات الصادرة بمقتضاه.

وبعبارات مفهومه، فإن الأمانة تقتطع حرم الطريق من المالك عند الإفراز مجاناً وبدون تعويض، وتسجل تلك المساحة بإسمها، ومن ثم تطلب من الملاك الجدد للقطع المفرزوة عمل جزء من حرم الطريق على حسابهم الشخصي، مع العلم بأن البلديات تتقاضى من الملاك عوائد تنظيم ورسوم تعبيد وتزفيت، وبإمكانها عمل الرصيف لضمان الربط المناسب مع الطريق وتوحيد المواصفات وتقاضي البدل من المالك.

المشكلة عندي ليست برغبة البلديات من التخلص من كلفة الرصيف وتحميلها للمالك، وإنما بزرع بذور الفوضوى التنظيمية عند ترك تحديد مناسيب الرصيف بما يتماشى مع تصميم العقار، والأصل أن يكون الحال هو العكس تماماً لكي يوفق المصمم أوضاع عمارته وفقاً لمناسيب الطريق الطولية ومقطعه العرضي. صحيح أن الأمانة والبلديات تحدد عرض الرصيف، ولكنها تغييب عن تفاصيله كنوع البلاط ومناسيبه ونوع الأشجار المزروعه، لتجد الأمانة أو المنطقة نفسها أمام أرصفة من كل قطر أغنية، وبمناسيب متنوعة لا ترتبط مع رصيف القطعة المجاورة. إن هذا التطبيق، يخلق أرصفة يعصب، إن لم يكن من المستحيل المشي عليها أو إستعمالها من قبل كبار السن والأمهات بعربات الأطفال، لذا نجد الناس تمشي على الطريق المعبد مبتعده عن الأرصفة.

وعودة على ذي بدء، فإن المشاي على الطريق يعرض نفسه للخطر، كونه يمشي بموازاة الطريق ولا يقطعه، فما حكم ذلك بقانون السير.

لقد وجدت القوانين لتنظيم حياة الناس بمرجعيات تنسحب على الجميع بعدالة، ولطالما غاب الرصيف المخصص للمشاة، فهل من العدالة إن يتم مخالفة من يضطر للسير على الطرقات بمحاذاة الأرصفة، أو قاطعاً للطريق للتبضع من دكان لآخر تقع على جانبي الطريق.

صحيح أن مرد ذلك كله لغياب التصميم الحضري السليم للمدن، ولكن الأصح أن يكون القانون سبباً في إطلاق حراك تشريعي لإقرار كودة التخطيط والتصميم الحضري التي تراعي عناصر المرور الثلاثة المركبة- السائق- الطريق، وبخلاف ذلك يصبح القانون عصي على التطبيق لأنه يحمل المواطن وزر الأخطاء التنفيذية بحرم الطرق.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير