مصطلحات شتى.. والمرأة هي الضحية!
لا أحد يُنكر بأن هُناك نسوة يتعرضن لأحد أنواع العنف، لكن وفي الوقت نفسه لا أحد باستطاعته أن يُجزم بأن ذلك أصبح ظاهرة، أو أن عددهن كبير جدًا.
إلا أنه ما يزال هُناك أُناس أو منظمات أو مؤسسات يدسون المرأة في كل قضية أو أزمة، أو عند إجراء استحقاق انتخابي، أو حتى قانون، وكأنها "شماعة" يُراد من خلالها تحميل أخطاء أو تحقيق غنائم، على حساب المرأة نفسها، وتصويرها دائمًا بأنها قليلة الشأن، أو كل حقوقها مهضومة، أو أن هناك قوانين وتشريعات وإجراءات وضعت للحد من تقدمها وتفوقها.
فما يكاد يتقبل عقل المرء أو "يستسيغ"، مصطلحًا جديدًا على البشرية، بشأن عنف هنا أو هناك ضد المرأة، حتى يفيق على مصطلح جديد، يوحي بأن العالم بأجمعه يقف ضد النساء، وأن الحروب والويلات والأزمات هي بسبب هضم حقوق المرأة.. نعي ونعلم بأن هُناك عنفًا جسديًا، ولفظيًا، ونفسيًا، وإكراهًا، وجنسيًا، واتجارًا بالبشر، فالعنف ضد النساء، باختصار، هو مصطلح يستخدم بشكل عام للإشارة إلى أي أفعال عنيفة، تُمارس بشكل مُتعمد أو بشكل استثنائي تجاه المرأة.
ومن جديد خرجوا علينا بمصطلحات حول عنف صحي وثان اقتصادي وثالث اجتماعي، وآخرها كان "العنف الانتخابي"، إلى درجة يُخيل إلى القارئ أو المتابع بأن المرأة عندنا "مُهانة"، لا قيمة لها أبدًا، أو أنها مسلوبة الإرادة تمامًا.. لكنهم تناسوا أن ذلك يقع على الذكور أيضًا قبل الإناث، وإن كُنا مُصرين على أن ذلك ليس بظاهرة، أكان للذكر أم للأنثى.
فمثلًا، لا أحد يستطيع إنكار أن البعض يُجبر شقيقة له أو زوجة على عدم الترشح لمقعد نيابي أو خوض انتخابات البلدية، وقد يصل الأمر إلى أنه يجبرها على انتخاب شخص ما، وعدم انتخاب قائمة معينة.. لكن من الإنصاف أن نُقر بأمرين في غاية الأهمية، الأول أن ما يُقدم على هذه الخطوة هم فئة بسيطة من أبناء جلدتنا، والثاني هو أن ذلك لا يقتصر على المرأة فحسب، فهناك قلة أيضًا تُجبر أبناءها على التصويت لقائمة أو حزب ما أو أبن العشيرة.
لكن القول إن هناك "عنفًا" يحد من مشاركة المرأة في الأحزاب والانتخاب، واعتباره نهج حياة، أو باعتبارها عملية ممنهجة، فذلك فيه نوع من "التجني"، الخاسر الوحيد فيها هو المرأة نفسها، وكأنها بلا شخصية أو لا تصلح لأن تكون "قائدة"، علمًا بأن الشواهد كثيرة في الأردن، إذ تبوأت كُثر من النساء مناصب قيادية، أبدعن فيها، لا بل أثبتت حضورًا يشهد له الجميع.
أقول، إننا بذلك "نهضم" حق المرأة، كمعلمة ومهندسة وطبيبة ومحامية وصحفية وحزبية وناخبة ومترشحة، ونقلل من قدراتها العملية والعلمية، فليس من المعقول تصوير الأردنيات على أنهن "مهزومات" من قبل أسرهن أولًا، فعملها ثانيًا، ثم المجتمع ثالثًا.
لا أحد يُنكر أن هناك تحديات ومعيقات تُعيق مشاركة المرأة في الانتخابات، لكن ذلك لا ينطبق على النساء فقط، فالتغلب على هذه التحديات هو مسؤولية مشتركة، إذ إن العملية برمتها عبارة عن حلقة متكاملة، تقع مسؤولية التغلب عليها أو تقليل آثارها السلبية على الجميع، بدءًا من الحكومة، مرورًا بالأحزاب والنقابات والإعلام ومؤسسات المجتمع المدني، انتهاء بالأسرة نفسها.
أمر أكثر من رائع، رصد حالات العنف ضد المرأة، أيًا كانت أشكاله ومسمياته، وتحديد أو تعريف ذلك "العنف الانتخابي" بأنواعه، وبشكل دقيق، لكن أن نجلد ذاتنا، ليلًا نهارًا، وفي كل ورشة عمل أو ندوة أو لقاء، فذلك "بهت" للمرأة في الدرجة الأولى، ثم للوطن. فالأصح خلق حلول لمواجهته والحد منه إن وجد.
عملية التحديث السياسي؛ عززت من مشاركة المرأة في الانتخاب والأحزاب، فيكفي "زج" المرأة في أمور كهذه، فذلك "مثلبة" في حق النساء، يجب هن أنفسهن أن يلفظنها بكل قوة ذلك.