مراجعة أدوات الدولة
ليس فقط لأننا دخلنا المائة الثانية من عمر الدولة الأردنية بل لأنها الضرورات التي تفرض على الدولة وأقصد المؤسسات الراسخة والمستمرة أن تراجع الأدوات التي تدير بها المعادلة الداخلية الأردنية.
والمراجعة تعني الاحتفاظ بما هو صالح من تلك الأدوات وأيضا تطوير البعض أو التخلي عما فقد قدرته على التأثير.
الدولة تمر بين الحين والآخر بمحطات صعبة أو قلقة أو نصف أزمة ومن خلال تلك المحطات تستعمل أدواتها من رجال وطرق تفكير وطرق تعامل مع الناس أو الشارع أو إدارة الإعلام أو الإدارة السياسية للحدث وتستطيع بعد كل محطة ان تقيم تلك الأدوات وقدرتها على الفعل أو خدمة الدولة.
فالرجال أو الأشخاص هم من أدوات الدولة وفي كل الدول بما فيها الأردن ثبت أن من يتسللون إلى مواقع إدارة الدولة عبر الشلل السياسية وغير السياسية أو من يجاملون الدولة بولاء شكلي بينما تكشف الأزمات ان بعضهم يتعامل بميزان المكاسب فقط وان في داخله قناعات ومشاعر سلبية تجاه الدولة بما في ذلك الإيمان بالدولة ويظهر هذا في مراحل ما بعد المواقع أو أحاديث الجلسات الخاصة جدا، فالرجال هم جزء من الأدوات الذين على الدولة أن تعيد تقييم طريقتها في فتح أبواب السلطة والنفوذ للبعض.
والخطاب العام للدولة في بعض الأزمات أو المحطات من الأدوات التي تحتاج إلى تقييم، وتحديدا الحديث مع الأردنيين وكيفية الوصول إلى قلوبهم وقناعاتهم.
وحتى عندما تنتقل الدولة من مرحلة إلى أخرى مختلفة تحمل تجديدا أو إصلاحا أو تغييرا فإنها تدخل المرحلة الجديدة بذات أدوات المراحل السابقة من أشخاص وخطاب وطريقة إدارة ودون أن تتوقف عند حقيقة ان بعض تلك الأدوات فقدت مصداقيتها وحضورها وحتى قدرتها الفنية.
للدولة مؤسسات وأدوات اثبتت فعالياتها عبر عمر الأردن وفي كثير من المحطات المهمة والقلقة، وتجاوزت بها الدولة مراحل صعبة جدا وتحديات كبرى، لكن هناك أدوات ونوعيات رجال وطرق تفكير وتفاصيل أصبحت عبئا على خدمة الدولة لنفسها أو العبور بها من بعض الحالات الصعبة، فالأردنيون تغيرت بعض طرق تفكيرهم وأيضا أدواتهم رغم ثبات الأصول والثوابت، وأيضا ترك الزمن أثرا على أدوات قديمة من حيث قدرتها وحضورها وصورتها.
وأخيرا فإن ذاكرة الدولة الأردنية تقول إنها "استخدمت" أشخاصا واشترت آخرين ومارست بذكاء الاحتواء بل وأحضرت إلى معسكرها من أشد خصومها لكنها في مراحل القلق وسؤال البقاء لم تجد إلا ابناءها الذين مارسوا أردنيتهم بفطرة فكانوا الصادقين والشهداء والجرحى ومارسوا الجندية السياسية والعسكرية دون تردد فالوطنية لم تكن مصدر رزق بل عقيدة.