تراجع الدعم الأممي للاجئين السوريين
بعد تراجع نسب التمويل من المانحين الدوليين، وفي ضوء المعاناة المالية لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، اضطر القائمون على البرنامج تخفيض قيمة المساعدات من 23 دينارا للفرد في الشهر إلى 15 دينارا للفرد للأسر الأشد حاجة، ومن 15 دينارا في الشهر إلى 10 للأسر متوسطة الحاجة. هذا للاجئين السوريين خارج المخيمات، في حين تبقى المساعدات كما هي للاجئين داخل المخيمات، وهي 23 دينارا في الشهر لكل فرد. هذا معناه مزيدا من المعاناة للاجئين وازدياد الصعوبة في الحصول على المستلزمات الغذائية الضرورية للأسر السورية، ومعناه أيضا، عبئا إضافيا على المجتمع الذي يعيش فيه هؤلاء، لاضطراره إسناد أولئك غير القادرين على العمل بأجر كاف لسد رمق أسرهم.
الأردن مرة أخرى يقوم بالدور الذي يجب أن يقوم به المجتمع الدولي والعالم، ويتحمل بسبب الجغرافيا اللعينة تداعيات الأزمات التي تمر بها المنطقة، وفي الوقت الذي يكال له الكثير من المديح السياسي والدبلوماسي تسنى للأردن بسببه لعب دور إقليمي ودولي مؤثر، تجد أن هذا المديح لا يترجم دوما على شكل مساعدات للاجئين ما يضطر الأردن للقيام بهذا العبء وحيدا. المجتمع الدولي وفي بدايات الأزمة كان يغدق بالمساعدات، لأن اللاجئين وصلوا لشواطئ أوروبا، وكان الأردن يستقبل بشكل أسبوعي زيارات من زعماء دول لشكره والثناء عليه وتقديم مساعدات للبرامج الأممية التي تساعد اللاجئين، ولكن مع مرور الوقت، حدث ما يسمى بالإنهاك للمانحين، وبدأت المساعدات تتقلص شيئا فشيئا، والسبب الأساسي أن الأزمة لم تعد تصنف أنها ضاغطة، واللاجئون مستقرون في الدول المضيفة لا يسبحون إلى أوروبا، وثمة أولوية الآن وهي الأزمة الأوكرانية، حيث اللجوء الهائل أيضا يحتاج للمساعدات والمنح.
الحل لهذا الواقع المؤسف يكمن في أمرين: الأول، استمرار العمل مع المجتمع الدولي وتوظيف ثقل الأردن السياسي من أجل تأمين مساعدات لبرامج الأمم المتحدة المساندة للاجئين، والاشتباك من المانحين على قاعدة أن أزمة اللاجئين مسؤولية دولية وليست أردنية، وأن هزيمة داعش لا تعني انتهاء الأزمة السورية لأن استمرار أزمة اللاجئين وإدارة الظهر لهم تنذر بخلق البيئة الحاضنة للتطرف الذي ينتج الإرهاب. أما الحل الثاني، فهو ضرورة الاشتباك مع سورية الرسمية بهدف خلق البيئة المحفزة لعودة اللاجئين الطوعية. لا يبدو هذا سهلا أو متاحا، بل يظهر أن لا مصلحة لسورية بعودة مواطنيها من اللاجئين بسبب الضيق الاقتصادي الكبير الذي تعيشه سورية الرسمية، ولأن اللاجئين ليسوا بالضرورة من الفئة السياسية الداعمة أو التي تفضلها سورية الرسمية. هذه من أكبر المعضلات أمام تطور العلاقة مع سورية بالإضافة لأمن الحدود وتهريب المخدرات. لا خيارات سهلة أمام الأردن، وقدره كما كان دوما أن يكون مصدرا للخير في هذا الإقليم وأن يستمر في الاشتباك للحفاظ على مصالحه، وفي سعيه لذلك، لا بد من مصفوفة مصالح وخيارات للتعامل مع سورية توظف في الوقت والقدر المناسب لحماية مصالح الأردن.