إحالة "العطارات "للنائب العام

{title}
أخبار الأردن -

حسين الرواشدة

ماذا حدث في قضية مشروع" العطّارات "؟ 
الإجابات التي وصلتنا ،من خلال وسائل الإعلام ، ما زالت ناقصة ، المشروع مرّ على أربع حكومات منذ نحو تسع سنوات (2014 )، الأولى وقّعته ، والثانية أغلقته ماليا ، و الثالثة تشككت بجدواه وأوقفته،  اما الرابعة فقد أحالته إلى التحكيم بحجة وجود "غبن" بالاتفاقية .

‏تفاصيل القصة موجودة ،لمن يريد الرجوع إليها ، لكن ثمة "قطبة مخفية " تتعلق  بمسالتين :الأولى كيف تم صياغة الاتفاقية ،وعلى أي دراسة اعتمدت الحكومة  آنذاك لاقرارها ،والتوقيع عليها ،ومن يتحمل مسؤولية ذلك ؟ الثانية :لماذا اكتشفنا "الغبن" متأخرا،  ولماذا تم في الأثناء توقيع اتفاقية شراء الغاز مع الكيان الإسرائيلي ،ثم لماذا  ذهبنا للتحكيم ،ولم نذهب للتفاوض؟

‏الجهة الوحيدة التي نثق بإجاباتها هي القضاء الأردني النزيه، وبالتالي فالمطلوب هو إحالة الملف للنائب العام للتحقيق فيه مع كافة من له علاقة بالاتفاقية،  صحيح ان خيار التحكيم ما زال مطروحا ومستمرا،  لكنه يتعلق بالشركات التي وقعنا معها الاتفاقية ، المطلوب هو مساءلة الأطراف المحلية ، الرسمية وغير الرسمية التي تسببت بهذا " الغبن"،  إذا انه من غير المعقول أن يدفع الأردنيون ‫ثمن‬ أخطاء مسؤولين لم يقوموا بواجباتهم ، ثم تودع القضية بأدراج الحفظ والنسيان .

‏ما جرى في قضية" العطّارات "يجب أن يفتح عيوننا على ملف اكبر ، وهو( الطاقة )، لدينا ثمان شركات مرخصة لتوليد الكهرباء ، ومع ذلك فأسعارها هي الأعلى عربيا،  لدينا عقود تسببت بخسائر مادية للخزينة،  يفترض محاسبة المسؤولين عنها ، ولدينا استراتيجية للطاقة تم اعدادها بشكل متسرع  ، لدرجة أنها قدرت  احتياجاتنا للكهرباء بأرقام ثبت أنها غير صحيحة، كل هذه التفاصيل وغيرها تحولت إلى ألغاز شيفرتها مفقودة،  وقد حان الوقت لفكها،  واطلاع الرأي العام على ما تخفيه من أسرار.

‏أكيد ، خسرنا مشروعا وطنيا كان يفترض أن نحافظ عليه ، وأن يكون عنوانا من عناوين الاعتماد على الذات،  و ذراعا لحماية أمننا الوطني والاقتصادي، وبابا لتشغيل أبنائنا العاطلين عن العمل ، أكيد، أيضا ،ضيعنا فرصة استثمار وتعاون مع أهم الدول التي تتربع على قائمة الاقتصاد العالمي، هذه الخسارة  ،للاسف ،ليست الأولى في سياق افتقاد بعض المسؤولين للحكمة ، وغياب الرؤية الاستراتيجية التي تُقدّر مصالح الدولة العليا ، وتعمل من أجلها .

‏غياب الرواية الرسمية حول ما جري في "العطارات" يفتح المجال أمام روايات أخرى ، قد لا تكون صحيحة تماما ، كما حصل في ملفات وأزمات سابقة ، ومن المفارقات أن تكون وسائل إعلام خارجية هي نبشت القضية ، بعد اكثر من عام على بدء التحكيم،  فيما  نقاشاتنا ما زالت تدور ، في إطار غياب المعلومات الدقيقة ، حول أجندة محددة سلفا ، ترتبط بعلاقتنا مع الصين ، فيما الواقع يشير إلى أن المسألة قد تكون أعمق  وأبعد من ذلك.

‏أعرف أن الحكومة الحالية لا تتحمل مسؤولية ما جرى في هذا الملف ، أعرف، أيضا ، أنها ما تزال تحاول إستدراك ما حدث لتجاوزه بأقل تكلفة ، لكن من المؤكد أنها تستطيع أن تفتح القضية للتحقق فيها ،  ثم تودعها لدى القضاء الأردني النزيه ، يمكن بالطبع أن تستند للمذكرة التي رفعها بعض النواب لتحقيق ذلك ،لكن المهم أن تفعلها ،وأعتقد أنها ستفعلها.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير