يتحدثون عن الديمقراطية
سياسيان، ينتميان إلى مدرستين ليستا مُتشابهتين بتاتًا، أكدا في حديثين مُنفصلين، خلال فترتين مُتباعدتين، أنه “ لا ديمقراطية دون ديمقراطيين”، الأول تبوأ أعلى مناصب الدولة (رئيس وزراء)، والثاني كان نائبًا لرئيس وزراء سابق.
مقولة أكثر من رائعة، هي بالأصل قاعدة أساسية للانطلاق نحو الإصلاح المنشود، بأنواعه المُختلفة، والتي من أهمها الإصلاح السياسي، المُرتبط بشكل العملية الديمقراطية في البلاد، بما تتضمنه من انتخابات حرة ونزيهة، أكانت نيابية أم بلدية.
المُشكلة الأساس، التي يُعاني منها الأردن، على مر العصور والأزمنة، تتمثل بأن هُناك دومًا أقاويل من غير أفعال على أرض الواقع، تصدر من أناس تقلدوا مناصب رفيعة في الدولة.. فالسياسي في هذا البلد، ما دام خارج عملية صنع القرار، أي بلا منصب، يُشبعك نُصحًا، وأفكارًا، ورؤى، وطروحات، ويوحي إليك بأنه صاحب فكر ونظريات ومنهجيات، إلا أنه وعندما يتبوأ منصبًا، فإنه يعود تلقائيًا إلى المربع الأساسي، الذي يُتقن كل سياسيينا المُناورة فيه وحوله.
ذلك السياسي أو صاحب القرار، عندما يجلس على “الكرسي”، يبدأ يبتعد شيئًا فشيئًا عن كل ما كان مؤمنًا به، سابقًا، ويبدأ يُتقن فقط لعبة “التسكين”، إلى درجة يُصبح معها في نظر المواطن “غير قادر” على اتخاذ قرار مصيري أو إجراء مفصلي.. وكأن هُناك علاقة تمتاز بـ”الجُبن” أو عدم اكتراث أو عدم اهتمام مُرتبطة بذلك “الكُرسي”.
عندها يُصبح المواطن أمام نتيجة واحدة، لا بديل عنها، لمثل تلك الحالات، تتمثل بأن أولئك المسؤولين هم أساسًا يتقنون فقط فن عمليات “تضييع” أو كسب الوقت، وبلا أي سبب مُقنع!، ولا أحد يعلم لماذا يُقدمون على ذلك؟، على الرغم من أن من يستمع إليهم وهم خارج السلطة يُخيل إليه بأنهم “أُسود” في الحروب، ليكتشف بعدها بأنهم أقل من ذلك وبكثير.
الديمقراطية والإصلاح تحتاجان بالفعل ليس إلى ديمقراطيين وإصلاحيين فقط، بل إلى أصحاب قرار، يؤمنون بالرأي والرأي الآخر أولًا، قولًا وفعلًا، وليس للتنظير به أمام عامة الناس.. السياسي صاحب القرار، والذي يتغنى بالديمقراطية في كل وقت وحين، لا يجوز له أبدًا أن يُقرب فلان أو علان على حساب شخص آخر ذي خبرة وكفاءة، حتى لو كان من مدرسة أُخرى.. الديمقراطي لا يحق له مُحاباة أصدقاء، ووضعهم في موقع المسؤولية، لمجرد أنهم أصدقاء، ويُبعد آخرين، الوطن بحاجة لهم.
للأسف، بعض المسؤولين في الأردن ينطبق عليهم قول رب العالمين في القرآن الكريم: “يا أيها الذين آمنوا لمَ تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون”.