التقسيم المكاني للحرم القدسي الشريف

{title}
أخبار الأردن -

د. محمد حسين المومني

يعكف بعض أعضاء الكنيست الإسرائيلي من اليمين المتطرف على إعداد مسودة مشروع لتقسيم الحرم القدسي الشريف مكانيا بين المسلمين واليهود. هذه ليست المحاولة الأولى ولن تكون الأخيرة، فما دام هناك يمين متطرف من أحزاب في البرلمان سوف نجد هذا المحاولات تتكرر ضاربة بعرض الحائط القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وكل التزامات إسرائيل القانونية والسياسية. انه التعسف والرعونة بالاتكاء على الدعم الدولي الذي تنعم به إسرائيل والذي دفعها لهكذا سلوكات من قبل يمينها الذي يتبنى مقاربة دينية خطيرة للنزاع الدائر لن تبقي أو تذر تنذر بمد طول النزاع وحروب قادمة.

الحرم القدسي الشريف هو 144 دونما، وهو وقف خالص للمسلمين منذ العهدة العمرية وما بعدها ليومنا هذا باستثناء فترة الحروب الصليبية، وتقسيمه زمانيا ومكانيا انتهاك صارخ للأوضاع القانونية والتاريخية القائمة، وقد تعهد شارون ونتنياهو بالابقاء على الوضع القائم الذي يقول بالسماح بالزيارة لليهود أو غيرهم ولكن ليس للتعبد، تماما كما كان مسموحا لأي كان بالزيارة ولكن على اعتبار أن ما يزورونه وقفا إسلاميا خالصا التعبد فيه للمسلمين وحدهم. قبل انتفاضة عام 2000 كانت الزيارات تتم بالتنسيق مع أوقاف القدس، ولكن بعدها وبعد اقتحام شارون للحرم القدسي بدأت الاقتحامات تتم عنوة ودون تنسيق مع أحد، ولكن الوضع القائم بقي أن التعبد للمسلمين وأن الحرم القدسي الشريف وقف خالص للمسلمين. تغيير ذلك سيكون أمرا مستفزا عواقبه كبيرة، والأردن بالتحديد لن يقبل به بالمطلق وسيوظف كافة أوراقه وثقله لكي يوقف هذا الاعتداء الكبير والمشين ان هو حدث.

الأرجح أن هذا الأمر لن يمر بالكنيست، فالحكومة الإسرائيلية تدرك خطورته الاقليمية والدولية، والحكومة الإسرائيلية التي التزمت إلى حد كبير بالتهدئة بالقدس في رمضان الماضي لن تغامر وتجرب حظها في أمر جلل كهذا. الأرجح أن الأمر لا يعدو كونه شطحات شعبوية من أعضاء كنيست يريدون مداعبة قواعدهم الانتخابية المتشددة. المعارضة الوسطية واليسارية أيضا لن تسير على هذه الخطى، لان تكلفتها السياسية الدولية كبيرة، ولان ذلك انتهاك صارخ للقانون الدولي الذي اعتاد اليسار الإسرائيلي على احترامه أكثر من اليمين. الولايات المتحدة في ظل ادارة بايدن هي الأخرى لن تمرر هكذا جنون لانه اشعال لفتيل الفتنة والعنف.

الحرم القدسي الشريف كله، وليس المسجد القبلي أو أي ركن من أركانه، أرض محتلة منذ 4 حزيران عام 1967، وقد كانت أوقاف القدس الأردنية الجهة التي تديره تحت الاحتلال منذ ذلك التاريخ وقبله، وأي تغيير على ذلك أمر خطير جلل لن يقف لا الأردن ولا الفلسطينيون ولا المسلمون متفرجين عليه، فهنا تطيب الأرواح وتهتز كرامات الدول. اليمين المتطرف الإسرائيلي يعي تماما انه لم يتمكن أي كان للآن من العثور على أي بقايا لهيكل سليمان لا تحت الحرم القدسي ولا بأكنافه بالرغم من محاولات البحث الحثيثة في باطن الأرض. انها بدعة سياسية اختلقها اليمين لكي يجني مكاسب سياسية انتخابية رخيصة. هذا هو اللعب بالنار، التي لن تبقي أو تذر.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير