همّ البعد لأبناء الجنوب فوق همّ مَرَض السرطان .
هاشم المجالي
الكل يعرف بأن مَرَض السرطان ما عاد مَرَض نادر أو فريد وإنما تطور إلى حالة عامة مستشرية وصار له حصة في كل عشر منازل من بيوت أبناء الجنوب ، ففي بعض القرى تجد أن مصابون هذا المرض صاروا موجودين في كل المنازل وأحيانا يكون هناك مصابان أو ثلاثة في نفس المنزل أو الأسرة الصغيرة .
سنتكلم عن رحلات المعانات التي يتكبدها هؤلاء المرضى وعائلاتهم والتي تبدأ منذ لحظة اكتشاف هذا المرض الخبيث حيث تبدأ الصدمات تلو الصدمات التي يتعرض لها هؤلاء المرضى وعائلاتهم ومحبينهم .
إن الذين عانوا من السرطان أو تأثروا منه يعرفون أن علاج هذا المَرَض يكون إما بالإستئصال الجراحي أو من خلال علاج الكيموثربي والأشعة الذي يأكلان الأخضر واليابس بالجسم ويهاجمان الطالح والصالح من الأعضاء ، فيصبحون مَرضى السرطان في حالات معانات من المَرَض ومن أثار العلاج له والذي هو بحد ذاته يعتبر سرطان معنوي يقضي على معنويات المرضى ومرافقينهم وكل الأسباب الموجبة للحياة لديهم .
الغريب في الوطن أن عمان العاصمة يوجد بها ثلاث مراكز لمعالجة مرضى السرطان كلها بالعاصمة عمان وواحد بالعقبة (بمركز الأمل ومركز الأورام العسكري بمستشفى الملكة علياء ومركز دروزه في مستشفى البشير) ولم تفكر الحكومة بأن معظم مراجعون هذه المراكز هم من أبناء الجنوب الذين تنتج أراضيهم البوتاس ومشتقاته والفوسفات وفروعاته واليورانيوم وطوقانه وبالمقابل لا تساهم هذه الشركات المنتجة بإيجاد مركز لمعالجة هذا المَرَض الخبيث في محافظتي الكرك والطفيلة .
لقد عاصرت وعاشرت هذا المَرَض مع والدي وشقيقي وشقيقتي وكثيرا من الأقرباء والأصدقاء ، ولكوني أسكن في عمان فلم اكن أعاني من التحضيرات أو الترتيبات أو المواصلات التي تعتبر عبء إضافي على مرضى السرطان ومرافقينهم ، ولكنني أعرف وشاهدت أيضا أن هناك الكثير من مرضى أبناء الجنوب يأتون إلى عمان أحيانا بالمواصلات العامة من أجل المراجعات والجرعات ، وأحيانا يضطرون الى إستئجار شقق مفروشة أو شقق عادية ويؤثثونها من أجل رحلة العلاج والمراجعات المرضية ، وهنا تكمن المعانات الكبرى والحقيقية سواء كانت مادية أو معنوية على المرضى وعلى ذويهم الذين يتركون قراهم وأعمالهم من أجل مرافقة مرضاهم ومساعدتهم .
من هنا اوجه ندائي إلى الحكومة ووزير الصحة تحديدا وإلى شركات الطاقة والفوسفات والبوتاس والإسمنت والتي ربحت المليارات من أراضي الجنوب بأن تبادر لتتبرع بإنشاء مركز خاص في محافظة الكرك لمعالجة مرضى السرطان على غرار مركز دروزه بمستشفى البشير .ألا يستحقون الكركية والطفايلة أن يتم العناية بمرضاهم والذين تفوق أعداد اصاباتهم حسب أخر الإحصائيات أكثر من أي إصابات بمناطق أخرى بالوطن .
كلنا يعرف أن بروتوكلات معالجات مرضى السرطان تكون من خلال عمليات الإستئصال الجراحي أو يكون بالجرعات الكيماوية التي تعطى من خلال الوربد أو بالأشعة التي تستغرق مدة لا تقل عن ثلاث ساعات إلى اربعة على الأقل وبما أن الدواء الكيماوي صار معروفا وصرنا نمتلك الوسائل التكنولوجية التي تجعل الأطباء المستشارون يتمكنون من متابعة مرضاهم من خلال التواصل المرئي والمسموع وعمل الفحوصات اللازمة فإن المعاناة والصعوبات التي تنتج من رحلات المرضى وذويهم سوف تنتهي فيما لو تم إنشاء مثل هذه المراكز الخاصة بمعالجة مَرَض السرطان في الكرك والطفيلة .
وأخيرا ألا يوجد من يغيث مرضى السرطان في الجنوب ويخفف عنهم معاناة المواصلات والإستئجارات و المصروفات المادية والمعنوية وتكون رحلات علاجهم قصيرة وغير مكلفة بحيث قد لا تصل تكلفتها إلى تكلفة حفلات توزيع أرباح شركات البوتاس والفوسفات أو لا تساوي نصف ما تبرعوا به لحفلات الرقص والغناء والمهرجانات التي لا تسمن ولا تغني من جوع .
اتقوا الله في مرضى السرطان من أبناء الكرك والطفيلة فهم مواطنون أردنيون مثلهم مثل الذين يسكنون بالعاصمة عمان .