الصفدي: الأردن دولة صنعت السلام وتدعو إلى السلام
التقى نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، اليوم، رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان، ووزير الخارجية والتجارة الهنغاري بيتر سيارتو، ورئيس الجمعية الوطنية الهنغارية لاسلو كوفر، وبحث معهم العلاقات الثنائية وعديد قضايا إقليمية ودولية.
واستعرض الصفدي ورئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان علاقات التعاون الثنائي بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات، وأكدا الحرص المشترك على تعزيزها ثنائياً وفي إطار الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. كما بحثا التعاون في مواجهة التحديات الإقليمية.
وخلال الزيارة الرسمية، عقد الصفدي ونظيره الهنغاري سيارتو جولة محادثات موسعة ركزت على آفاق زيادة التعاون بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات. وأكد الصفدي وسيارتو، الذي زار الأردن ثلاث مرات خلال السنوات الأربع الماضية، الأهمية التي يوليها البلدان لعلاقاتهما الثنائية وفي إطار الاتحاد الأوروبي، الذي ستتولى هنغاريا رئاسته الدورية خلال النصف الثاني من العام ٢٠٢٤.
وبحث الوزيران الخطوات اللازمة لزيادة التعاون في عديد مجالات حيوية تشمل الاقتصاد، والاستثمار، والدفاع، والتعليم، والسياحة، والزراعة، والشباب، وفي مجال حماية البيئة، والمياه، والتدريب المهني.
وجرى خلال الاجتماع استعراض التحضيرات الجارية لعقد اجتماعات الدورة الثالثة للجنة الاقتصادية الأردنية الهنغارية المشتركة، مطلع شهر تموز القادم في بودابست، ومنتدى أعمال على هامشها يركز على قطاعات المياه والغذاء والمعدات الطبية.
واتفق الوزيران أيضاً على عقد جولة مشاورات سياسية بين وزارتي خارجية البلدين تنفيذاً لمذكرة التفاهم الموقعة عام ٢٠٠٨. كما اتفقا على توقيع مذكرة تفاهم للتعاون وتبادل الخبرات والدورات للدبلوماسيين بين المعهد الدبلوماسي الأردني والأكاديمية الدبلوماسية الهنغارية.
ووقع الصفدي وسيارتو برنامجاً للتعاون الثقافي بين حكومة المملكة الأردنية الهاشمية وحكومة هنغاريا للأعوام (٢٠٢٤-٢٠٢٧)، يهدف إلى تعزيز علاقات الصداقة بين الشعبين، وترويج التعاون في مجالي الثقافة والفنون.
كما بحث الوزيران الجهود المبذولة لحل الأزمات في منطقة الشرق الأوسط والأزمة الأوكرانية. وركز الجانب الإقليمي من المحادثات على القضية الفلسطينية والأزمة السورية وتحدي اللجوء.
وفي مؤتمر صحافي مشترك، أكد الصفدي أن الاتصالات بين الأردن وهنغاريا مستمرة، وقال "التقينا أكثر من سبع مرات على مدى السنوات الماضية، وآمل أن تكون هذه الزيارة بداية للمزيد من التعاون والتنسيق بين بلدينا"، لافتاً إلى الزيارة التي كان قد قام بها جلالة الملك عبدالله الثاني إلى بودابست، واستقبال المملكة لفخامة الرئيس الهنغاري.
وأكد الصفدي بأن العلاقات بين البلدين وطيدة والحوار، الذي أجراه اليوم مع الوزير الهنغاري، عكس الحرص المشترك على المضي في تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات.
وأشار إلى أن المباحثات تطرقت إلى العديد من الخطوات التي يمكن القيام بها لتعزيز التعاون بين البلدين الصديقين. وقال الصفدي "نتطلع الشهر القادم لانعقاد اللجنة الاقتصادية الأردنية-الهنغارية المشتركة والتي سيرافقها أيضاً حضور للقطاع الخاص من البلدين لتبادل المعلومات والأفكار حول كيفية زيادة التعاون في قطاعات رئيسة تشمل المياه، والأمن الغذائي، والمعدات الطبية، وغيرها".
وثمن الصفدي المنح المقدمة من قبل الحكومة الهنغارية إلى الطلبة الأردنيين، إذ يوجد حوالي أكثر من ألف طالب أردني على المقاعد الدراسية في هنغاريا، ممن يستفيدون من القدرات التعليمية للمؤسسة التعليمية الهنغارية، وهم يمثلون كذلك استثماراً في العلاقات الإنسانية بين البلدين. ولفت الصفدي إلى أن المباحثات تناولت بحث التعاون في مجال التعليم المهني والذي يشكل أولوية بالنسبة للمملكة.
وفيما يتعلق بالشؤون الإقليمية أكد الصفدي أن الدور الأردني كان دوماً يستهدف حل الأزمات الإقليمية وتحقيق الأمن والاستقرار والسلام الذي ينعكس إيجاباً على المنطقة برمتها. وقال الصفدي "نحن نعيش في منطقة تعاني الكثير من الأزمات، والدور الأردني كان دوماً وسيستمر في أن يكون دوراً يستهدف حل الأزمات الإقليمية وتحقيق الأمن والاستقرار والسلام الذي ينعكس إيجاباً على المنطقة برمتها."
وأضاف أن "التحديات كثيرة لكن لا يمكن إلا أن نستمر في جهودنا من أجل وقف الأزمات الإقليمية، وما تسببه من معاناة لضحاياها، وما تنتجه من أخطار على أمننا المشترك. نحن بعيدان جغرافياً لكننا نعيش في جوار واحد، وما يحدث في منطقتنا ينعكس على أصدقائنا في أوروبا، وما يحدث في أوروبا ينعكس أيضاً علينا".
وأضاف الصفدي "نحن في المملكة الأردنية الهاشمية مستمرون في بذل كل جهد ممكن من أجل حل الأزمات الإقليمية، ومعالجة تبعات الأزمات الإنسانية والأمنية والسياسية، وتحقيق الأمن والاستقرار الذي نحتاجه حتى نستطيع أن نعمل معاً من أجل مواجهة التحديات الأخرى، مثل تحديات البيئة والمناخ، المياه، الطاقة، توفير فرص العمل إلى غير ذلك".
وقال الصفدي "بالنسبة لنا في الأردن القضية المركزية هي القضية الفلسطينية، وجلالة الملك يقود جهوداً مستمرة من أجل وقف التدهور وإيجاد أفق سياسي حقيقي يأخذنا باتجاه إعادة استئناف مفاوضات جادة وفاعلة تعالج جميع قضايا الوضع النهائي، بما فيها قضية القدس التي يجب أن تحل في إطار المفاوضات المباشرة وعلى أساس القانون الدولي، الذي يعتبر القدس الشرقية جزءاً من الأراضي الفلسطينية المحتلة، حتى نصل إلى السلام العادل والشامل الذي يشكل حاجة وهدف استراتيجياً لنا في المنطقة وفي العالم".
وقال الصفدي "اليوم يصادف الذكرى ال٥٦ لحرب ١٩٦٧ وما نتج عنها من احتلال نعتقد جازمين في الأردن بأنه يجب أن ينتهي وفق حل الدولتين حتى نحصل على السلام الذي يحتاجه الفلسطينيون ويحتاجه الإسرائيليون ونحتاجه نحن جميعاً."
وزاد "موقفنا في الأردن أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لحل هذا الصراع وتحقيق السلام العادل والشامل، ونؤكد على قلقنا البالغ من استمرار التدهور في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وضرورة وقف هذا التدهور ووقف كل الخطوات الأحادية التي تقوض حل الدولتين، وبالتالي تقوض فرص تحقيق السلام العادل والشامل الذي يجب أن تنعم به المنطقة و ينعم به جميع شعوبها".
وقال إن "الأردن دولة صنعت السلام، وتدعو إلى السلام، ومستمرة في القيام بكل ما تستطيع من أجل تحقيق السلام الشامل والعادل على أساس حل الدولتين الذي يجسد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس المحتلة على خطوط الرابع من حزيران للعام ١٩٦٧، لتعيش بأمن وسلام مع إسرائيل ولنتعاون جميعاً من أجل تكريس هذا السلام ومواجهة التحديات المشتركة وتوفير العيش الكريم الآمن لكل شعوب المنطقة".
وأشار الصفدي إلى أن مباحثاته مع الوزير الهنغاري تناولت ملف مكافحة الإرهاب، وقال "نحن عانينا من الإرهاب كما عانى الجميع"، مؤكداً التزام المملكة الأردنية الهاشمية في مكافحة الإرهاب. وأشار إلى عملية العقبة التي أطلقها جلالة الملك منبراً يوحد جميع الجهود في التعامل مع جميع جوانب الإرهاب ومحاربته أمنياً وعسكرياً وأيديولوجياً.
من جانبه، رحب وزير الخارجية الهنغاري بيتر سيارتو بزيارة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، مشيداً بقوة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين والتي تعود إلى ستين عام.
وقال سيارتو "المملكة الأردنية الهاشمية وهنغاريا دولتان مختلفتان عن بعضهما، وبعيدتان جغرافياً عن بعضهما في منطقتين مختلفتين، ولكن رغم كل ذلك فإن المخاطر الأمنية شبيهة للبلدين"، مشيراً إلى الحروب والأزمات الأمنية التي يشهدها جوار البلدين.
وأكد سيارتو أن المملكة الأردنية الهاشمية "لاعب مهم جداً ليس فقط على المستوى الإقليمي، بل على المستوى العالمي في مواجهة الإرهاب والتطرف والصراع"، مثمناً دور الأردن في هذا الصدد، ودورها في استضافة اللاجئين الذين تتكفل بهم الأردن، وأشار إلى أنه لولا دور الأردن في ذلك "لكان كل هؤلاء الملايين قد انطلقوا باتجاه أوروبا"، وأضاف "نحن نشجع الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية أن تزيد الدعم المالي للأردن من أجل دعم المملكة الأردنية الهاشمية في أن تتكفل بمئات الآلاف والملايين الذين يقيمون على أراضيها".
وأضاف سيارتو "يأتينا من الأردن أعداد كبيرة من الطلاب، وتقدم هنغاريا ٤٠٠ منحة دراسية سنوياً للأردن، وقد تقدم هذه السنة أكثر من ١٤٠٠ طالب أردني بطلبات للحصول على منح دراسية هنغارية. وزاد "هنغاريا هي وجهة مشهورة للطلاب الأردنيين ويحبون القدوم إلينا، ونحن نشجع بهذه الطريقة تنشيط العلاقات الإنسانية بين الشعبين، وسيؤثر ذلك في النهاية وبالتأكيد على العلاقات الاقتصادية والسياسية في المستقبل وبشكل جيد".
وفي إجابة على سؤال، قال الصفدي" تربط المملكة علاقات شراكة استراتيجية مع الاتحاد الأوروبي ومع دول الاتحاد، ونثمن عالياً الدعم الذي يقدموه لمساعدتنا على القيام بما نستطيع من أجل توفير العيش الكريم للاجئين". وأضاف "نحن أكبر دولة مستضيفة للاجئين نسبة إلى عدد السكان في العالم، فمع تثميننا لهذا الدعم لا بد أيضاً أن نشير إلى حقيقة أن هذا الدعم يتراجع، ليس فقط إلى اللاجئين وإلى المجتمعات المضيفة ولكن إلى المنظمات الأممية المعنية في تقديم الدعم للاجئين".
وأشار الصفدي إلى أن برنامج الغذاء العالمي، على سبيل المثال، سيقلص الخدمات التي يقدمها إلى حوالي عشرة آلاف لاجئ سوري في الأردن، والمفوضية العليا للاجئين بدأت بتقليص خدماتها أيضاً نتيجة عدم توفر الدعم المالي الكامل. وحذر الصفدي من أن توقف هاتان المنظمتان عن تقديم خدماتها سيفاقم معاناة اللاجئين، وستكون الدول المستضيفة في مكان تحمل العبء الذي لا تستطيع أن تتحمل أكثر مما تحمله.
وأضاف "لقد وصلنا إلى الحد الأقصى في قدرتنا على تحمل اللجوء"، داعياً المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات عملية لتوفير الدعم اللازم لمساعدة الدول المستضيفة على توفير العيش الكريم للاجئين.
وقال الصفدي "نحن في المملكة الأردنية الهاشمية قمنا بكل ما نستطيع من أجل أن يحصل اللاجئون على متطلبات العيش الكريم، لأن هؤلاء ضحايا صراعات ولا يجب أن يكونوا ضحايا إهمال أو عدم توفير ما يستحقونه من الحياة الكريمة". وأضاف "الاستثمار في اللاجئين هو استثمار في أمننا المشترك، لأنه إذا منحنا اللاجئين الأمل وأعطيناهم التعليم وأشعرناهم بأننا نقف معهم في معاناتهم سيكونون قادرين على أن يسهموا في المجتمعات التي يعيشون فيها، وسيكونون قادرين على إعادة البناء في بلدهم عندما يعودون إليه، لكن إذا تخلينا عنهم وجعلناهم ضحايا اليأس والجهل والحرمان سنكون في مواجهة تحدٍّ كبير في المستقبل".
وأضاف الصفدي "بعد أيام ستستضيف بروكسل مؤتمر دعم سوريا ودول الجوار، نأمل أن يثمروا هذا المؤتمر بخطوات عملية لتوجيه الدعم اللازم للاجئين والمنظمات الأممية المعنية باللاجئين وللدول المستضيفة للاجئين حتى نستمر في تمكين قدرتنا على توفير العيش الكريم لهم، وتلبية احتياجاتهم". وأشار إلى أن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا) تعاني من نقص حاد في تمويلها، وهذا ينعكس سلباً على قدرتها على توفير الخدمات الحيوية للاجئين الفلسطينيين، مؤكداً بأن الأنروا منظمة لا يمكن استبدال دورها الحيوي الهام في مساعدة اللاجئين الفلسطينيين.
وكان الصفدي بحث مع رئيس الجمعية الوطنية الهنغارية (البرلمان) لاسلو كوفر، العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية، والجهود المبذولة لحل الأزمات الإقليمية وتحقيق الأمن والاستقرار. وثمّن الصفدي دور مجموعة الصداقة البرلمانية الأردنية الهنغارية في تعزيز العلاقات الثنائية.
إلى ذلك، استضافت الأكاديمية الدبلوماسية الهنغارية نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي في جلسة حوارية، استعرض خلالها الصفدي العلاقات الأردنية الهنغارية، وعدداً من القضايا الإقليمية والدولية، بحضور عدد من الباحثين والأكاديميين المختصين في قضايا الشرق الأوسط.
ويشار إلى أن العلاقات الدبلوماسية بين الأردن وهنغاريا تعود إلى العام ١٩٦٤، ويبلغ عدد المواطنيين الأردنيين المقيمين في هنغاريا نحو ٢٠٠٠ مواطن أردني، منهم ١١٠٠ طالب. وبلغ حجم التبادل التجاري ٣٥ مليون دولار أمريكي خلال العام ٢٠٢٢.
ووقع البلدان على مدى السنوات الماضية ٢٦ اتفاقية تعاون ومذكرة تفاهم في المجالات السياسية، والاقتصادية، والتجارية، والاستثمارية، والطاقة، والمياه، والثقافة، والتعليم، والشباب، والصحة، والسياحة، والزراعة، والدفاع، والإعفاء من التأشيرات لحملة جوازات السفر الدبلوماسية وجوازات الخدمة.
ووصل عدد السواح الهنغاريين الذين زاروا المملكة لنحو ١١٠٠٠ سائح العام الماضي، بزيادة بلغت ٥٨٪ مقارنة بعام ٢٠١٩.