وسم: الأردن على موعد مع حالات جوية أكثر قساوة وتطرفا (تفاصيل)
قال موقع وسم للتنبؤات الجوية إن الأردن على موعد مع حالات جوية أكثر قوة نتيجة اشتداد تأثير التغيرات المناخية.
وأضاف وسم أن التغيرات المناخية على المملكة تشتد وذلك نتيجة تغير على دورانية الغلاف الجوي خلال السنوات الأخيرة، والتي يتوقع أن تشتد بشكل كبير خلال الفترة المقبلة وخاصة مع نهاية الصيف وبداية الموسم المطري الجديد 2023-2024 والتي تستدعي التخطيط الاستراتيجي والاستعداد لظروف جوية ومناخية أكثر تطرفا وقساوة مقارنة مع هذه الفترة والانتباه من النشرات الجوية منخفضة الدقة التي تصدر عبر بعض وسائل الإعلام المحلية ووسائل التواصل الاجتماعي التي ضاعفت من مستوى الخسائر من الظروف الجوية القاسية الأخيرة والتي انفرد مركز وسم الإقليمي بالتنبيه منها.
التغيرات المناخية الحقيقية
وبسبب عدم رفع الوعي من خطر التغيرات المناخية في المملكة والتركيز على معلومات خاطئة من بعض وسائل الإعلام المحلية، تسببت ذلك في مستوى خسائر عالية جدا من الظروف الجوية وخاصة الحالة الأخيرة.
وتتأثر المملكة بتغيرات مناخية تسببت في زيادة عدد الحالات الجوية الممطرة القوية والغزيرة وارتفاع خطر الفيضانات والسيول وهو امتداد لظروف جوية قاسية تؤثر على معظم مناطق الشرق الأوسط.
التغيرات المناخية التي تعصف على المملكة تسببت في زيادة كبيرة على معدلات الأمطار نتيجة زيادة عدد الحالات الجوية المتطرفة في المملكة وذلك منذ موسم 2014، وتم تسجيل زيادة بحدود 50% على كميات الأمطار في العديد من المناطق، ومن ضمن 9 مواسم مطرية سابقة سجلت المملكة 7 مواسم مطرية قوية واشتداد الحالات المتطرفة القاسية بمعدل 2.5 مرة مقارنة مع الفترة التي تسبق 2013-2014.
وسجل الموسم المطري الحالي 2022-2023 زيادة كبيرة على معدلات الأمطار فاقت 60% عن المعدلات الموسمية وسجلت بعض المناطق أداء غير اعتيادي فاق 300% في بعض المناطق الصحراوية وبشكل نادر الحدوث، كما تم تسجيل أطول موسم مطري منذ ما يزيد عن 30 عاما.
ولذلك حان الوقت لنشر المعلومات الحقيقة حول التغيرات المناخية التي غابت عن وسائل الإعلام المحلية في الفترات الأخيرة والتي تسببت في زيادة "كبيرة" على مستوى الخسائر من الظروف الجوية القاسية، ومن هنا أصبح الحاجة الملحة لتنظيم قطاع الأرصاد قبل تفاقم المشكلة.
استمرار الأمطار النادرة خلال فصل الصيف
وقام مركز وسم الإقليمي بتشغيل النموذج المناخي الخاص به والذي رصد استمرار نادر للحالات الممطرة الصيفية على فترات متباعدة وتقلبات جوية غير موسمية نتيجة دورانية استثنائية للغلاف الجوي والناتجة من تغير مسار حركة الرياح الموسمية واستمرار اندفاع الكتل الأكثر برودة نحو جنوب أوروبا والبحر المتوسط.
واستطاع هذا النموذج الفريد من نوعه في المنطقة والذي يعمل بالطريقة المعايرة الإحصائية رصد هذه الحالة الجوية منذ فترة طويلة والتنبيه المبكّر منها، وتم إصدار مستوى التنبيه الأحمر من الظروف الجوية القاسية.
ونتيجة لدورانية الغلاف الجوي غير الاعتيادية سيسبب ذلك استمرار الحالات الممطرة على فترات متباعدة خلال الصيف وربما تكون قوية أحيانا في بعض المناطق وتسببت المزيد من السيول كما حصل في الحالة الأخيرة.
اشتداد الحالات الممطرة مع بداية الموسم المطري الجديد
وتشتد الحالات الممطرة مع بداية الموسم المطري الجديد (2023-2024) ويتوقع تسجيل حالات جوية عالية التطرف، وهذا يعني الاستعداد والتخطيط الاستراتيجي من قوة الحالات الجوية المتوقعة والتي يتوقع أن تسبب ضرر كبير على البنية التحتية والقطاعات المختلفة وخاصة الزراعية والتي ستكون أكثر تطرفا من الحالات الجوية التي حدثت في 2018 في منطقة البحر الميت.
الأسباب العلمية المفصلة
إن تغير مسار حركة الرياح الموسمية في منطقة بحر العرب والناتجة من تذبذب كبير ومفاجئ على درجات الحرارة في المنطقة الاستوائية للمحيط الهندي والهادئ معا، تسبب في تأخر حاد على موسم الأمطار في الهند واندفاع الرياح الموسمية نحو نطاق واسع من الجزيرة العربية ومصر ومنطقة الشرق الأوسط.
الرياح الموسمية الرطبة تتزامن مع اندفاع كتل أكثر برودة من القارة الأوروبية والتي تعمل على تكثيف كميات الرطوبة الكبيرة وهذا ينتج عن حدوث عواصف رعدية قوية وقاسية وممطرة بغزارة والتي تتزامن مع حبات البَرَد الكبيرة نتيجة لسرعة صعود الهواء نحو الطبقات العليا والأكثر برودة وهذا يسبب التكثف السريع والعالي مما ينتج عنه طاقة حرارية تتحول لطاقة حركية داخل الغيوم الرعدية على شكل تيارات صاعدة قوية تزيد من حجم قطرات المطر وحبات البَرَد، ويلاحظ ذلك بوضوح من كثافة البرق والعواصف الرعدية.
وتقدر كمية الطاقة الحرارية التي يتم إطلاقها نحو كيلو جرام من الهواء بحدود 2000 جول لكل كيلوجرام من الهواء وهي طاقة عظيمة تتحول مباشرة لطاقة حركية قوية تسبب في حركة سريعة وقوية للهواء عالي الرطوبة نحو الطبقات العليا مما يسبب سحب ركامية عالية السماكة والقوة.
إن هذا التنظيم للغلاف الجوي سيستمر في دفع هذه الرياح الموسمية عالية الرطوبة والتي تمتلك طاقة كامنة عظيمة تتحول مباشرة لطاقة حرارية مع حصول التكثف والتي تعتبر وقود مهم لتشغيل العواصف الرعدية القوية، والتي تشير إلى استمرار حدوث مثل هذا النوع من العواصف الرعدية القوية، ومن النادر وصول الرياح الموسمية الرطبة نحو الأردن.
تعمل الكتل الباردة المندفعة من أوروبا نحو البحر المتوسط على خلق تموجات استوائية متعاكسة مع التموجات الباردة القادمة من جهة القطب الشمالي مما يسبب التقاء هذه الكتل المغايرة والمتعاكسة تماما بالخصائص مع بعضها والتسبب بحالات جوية عالية التطرف.
إن حركة الموجات الاستوائية نحو العروض الوسطى ومنطقة البحر المتوسط أكثر تعقيدا مقارنة مع حركة الكتل الباردة، وذلك بسبب حركتها المعاكسة وتقطاعها من أنظمة جوية جافة وحارة في بعض الأحيان، مما يسبب حالات جوية معقدة ومتطرفة جدا والتي حدثت في الأردن خلال الأيام الأخيرة، وتحتاج هذه الظروف الجوية إلى جهات احترافية تطلق التحذيرات والتنبيهات في الوقت المناسب بعيدا عن التغطية الإعلامية السيئة المحلية التي شاركت في رفع مستوى الخسائر من الظروف الجوية الأخيرة والناتجة من خلل كبير في توصيل المعلومة الجوية لمختلف القطاعات والتي كانت تركز على تغيرات مناخية غير موجودة بالأصل ظنا منها تأثر كافة مناطق العالم بتغيرات مناخية متشابهة.
ظاهرة النينيو المناخية
وتراقب منظمة الأرصاد العالمية ظاهرة النينيو المناخية التي ستسبب زيادة التطرف في الحالات الجوية خاصة الموسم المقبل وذلك في معظم منطقة الشرق الأوسط وبلاد الشام والأردن والجزيرة العربية.
تسبب ظاهرة النينيو المناخية دورانية استثنائية ونادرة للغلاف الجوي، فيسبب وصول الكتل عالية الرطوبة من المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية نحو المنطقة بسهولة والتقائها بكتل باردة مندفعة من وسط وشرق القارة الأوروبية.
ستسبب هذه الظاهرة ضعفا حاد في سرعة التيار النفاث القطبي وشبه الاستوائي في منطقة شرق أوروبا وشرق البحر المتوسط مما يعكس سهولة وصول الهواء القطبي والبارد نحو المنطقة خلال الموسم المطري المقبل والتسبب بحالات جوية عالية التطرف وربما تكون غير مسبوقة في السجلات المناخية الحديثة.
الحالة الجوية التي حصلت خلال الأيام الأخيرة والتي انفرد مركز وسم الإقليمي في التنبيه العالي منها وإطلاق مستوى التنبيه الأحمر ستتكرر بشكل أكثر تطرفا خلال فترة الخريف المقبل وفصل الشتاء مما يستدعي على كافة القطاعات بالتخطيط الاستراتيجي والانتباه من النشرات الجوية سيئة الدقة التي تصدر عبر وسائل الإعلام المحلية والتي شاركت في رفع حجم الخسائر من الحالات الجوية الأخيرة.