دمج الأردنيين في الإصلاح السياسي

{title}
أخبار الأردن -

سميح المعايطة

قانونيا وشكليا تم إنهاء مرحلة مهمة في تكييف الأحزاب مع قانونها الجديد سواء الجديدة او القديمة، وهذه خطوة مهمة في مشروع التحديث السياسي الذي تشكل الاحزاب القاعدة الاساسية له، واليوم لدينا احزاب مختلفة التوجهات بما فيها احزاب تاريخية من اليسار والاسلاميين.

الملك في العديد من المناسبات يؤكد انه لا تراجع عن مشروع الاصلاح الذي هو مشروع الدولة، ومؤخرا كانت اشارة الملك واضحة في الرد على من ليس لديهم ثقة بأن من فتح باب الاصلاح اراده ولديه الارادة للاستمرار فيه.

واضح منذ سنوات ان الملك يريد بناء نموذج حياة حزبية وبرلمان حزبي وحكومة برلمانية، وحتى الآن قطعنا شوطا في وضع البنية التحتية من تشريعات وتعديلات دستورية، لكننا اليوم وبعد انجاز هذه الخطوات نحتاج إلى خطوة مهمة وهي دمج الاردنيين في المشروع، والتعامل مع اي مخاوف او شكوك او تردد، وهذا الامر بعضه لا يمكن تحقيقه الا عبر الخطوات العملية مثل ما سيجري في الانتخابات النيابية القادمة سواء كانت هذا العام او العام القادم، فهذه الانتخابات التي من مصلحة مشروع التحديث ان تجري بأسرع وقت باعتبارها التنفيذ لمشروع التحديث السياسي، هذه الانتخابات بكل تفاصيلها وكيفية إدارتها هي التي ستؤثر كثيرا في قناعات الاردنيين بمشروع التحديث السياسي، فإما ان تسرع في دمج الاردنيين بهذا المشروع وزيادة الثقة بجدية الدولة او ستذهب بالناس الى قناعات سلبية ليس من السهل التخلص منها لاحقا.

وربما يحتاج مشروع دمج الاردنيين في مشروع الاصلاح السياسي الى عمل حقيقي من الاحزاب، فالقضية ليست في تجميع ألف شخص وتحقيق شروط الترخيص بل في قدرة الاحزاب على اقناع الاردنيين انها احزاب محترفة وليست تجميعا لأشخاص تحت لافتة حزب، لأن الاكتفاء بالتجميع كان في مراحل سابقة وبعدها تحولت الاحزاب الى جثث هامدة حتى وهي تحتفظ بالترخيص الرسمي ولديها بعض المقرات والبيانات.

تاريخيا الاردنيون من الشعوب المسيسة المهتمة بالشأن العام محليا وعربيا، والاحزاب عبر تاريخ الدولة كانت موجودة في الحياة، ومشكلة الاردنيين ليست مع فكرة الاحزاب بل مع احزاب مرجعيتها خارجية او مع احزاب شكلية.

الهيئة المستقلة قالت ان عدد الحزبيين المؤسسين أربعون ألف شخص، وهو رقم ليس ببعيد عن عدد منتسبي الاحزاب قبل لجنة التحديث السياسي، ومؤكد انه لا يمكن أن يكون كل الأردنيين ولا ربعهم اعضاء في الاحزاب، لكن على الاقل ان تكون الاحزاب تحظى بالحضور ومصداقية قياداتها وقوتهم السياسية، وحتى الاحزاب المحسوبة على الدولة فإن هذا لا يعفيها من عمل كبير أمامها للحصول على مكان بين الناس وهذا يحتاج إلى طرق تختلف عن الطرق التي تم فيها تجميع الأعضاء لغايات التأسيس.

دمج الاردنيين في عملية التحديث السياسي امر مهم لنجاح المشروع، وهذا الامر لن يكون دون عمل منهجي كما يحتاج الى واقع عملي يعزز مصداقية عملية التحديث وتحديدا كيفية ادارة الانتخابات النيابية القادمة، اضافة الى ما ستفعله الاحزاب وخاصة الجديدة لإقناع الاردنيين انها تمارس عملا حزبيا محترفا وليس نشاطا اجتماعيا وعلاقات عامة، اضافة الى الاشخاص الذين يقودون المرحلة القادمة فنحن في مجتمع مهم جدا لديه قوة وتاريخ وقدرة الاشخاص في اي مشروع فكيف عندما نريد ان ننجح مشروعا سياسيا يغير من آليات مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية، فالدولة تستطيع أن تعين في اي موقع تنفيذي من تشاء لكن من يتم تقديمه قائدا سياسيا شعبيا وحزبيا فإن الامر مختلف.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير