عماد العدوان وسلطان العجلوني

{title}
أخبار الأردن -

أيمن دهّاج الحنيطي

قضية النائب عماد العدوان والمحتجز لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتهمة مزعومة هي تهريب أسلحة وذهب الى الضفة، بحسب البيان الرسمي، ودعم المقاومة الفلسطينية، تذكرنا بقضية عميد الأسرى الأردنيين سلطان العجلوني، وجهود الإفراج عنه بعد سنوات عديدة أمضاها في سجون الاحتلال.

كانت قضية العجلوني والأسرى والمعتقلين الأردنيين في سجون الاحتلال تُشكّل الشُغل الشّاغل للشارع الأردني والمعارضة الداخلية ، حتى أنها تصدّرت معظم التصريحات التي كانت تصدر حينها عن ميسرة ملص والشيخ حمزة منصور وغيرهما ،مع حفظ الألقاب، في فترة من الفترات ،الى ان انتهت في صفقة تبادل اسرى بعد 18 عاماً .

العجلوني اعتقل وزُجّ بالسجون الاسرائيلية في 13 تشرين الثاني/نوفمبر1990 بعد اجتيازه للحدود الأردنية باتجاه فلسطين ،واقتحامه موقعاً عسكرياً إسرائيلياً، فقتل ضابط من حرس الحدود الإسرائيلي برتبة رائد ،وعلى اثر صفقة تبادل اسرى جرت بين حزب الله اللبناني وإسرائيل ،أفرجت سلطات الإحتلال عن العجلوني وثلاثة من الأسرى الأردنيين هم سالم وخالد أبو غليون ،وأمين الصانع، بموجب اتفاق بين حكومة معروف البخيت وحكومة إيهود أولمرت في تموز/يوليو2007، وقضى الاتفاق بأن يُكمل الأسرى الأربعة السجن في الأردن لمدة لا تتجاوز 18 شهراً، ومكث العجلوني ورفاقه في سجن "قفقفا" شمالي الأردن حتى آب/ أغسطس 2008.

ما لا يعرفه سلطان العجلوني ورفاقه ،وهو ما سأكشف عنه اليوم لأول مرة ان حسن إدارة الازمة حينها والاحترافية في الحصول على المعلومة وأدارتها وتوظيفها في الاتجاه السليم هو ما اسهم فعلياً في تحرير عميد الأسرى الأردنيين العجلوني، ورفاقه من سجون الاحتلال وطي ملفه.

كانت سلطات الاحتلال تُصنف العجلوني ومن معه ضمن فئة من تطلق عليهم اسم "الأسرى والمعتقلين المُلطّخة أيديهم بالدماء" ،كنت حينها أتولى رئاسة القسم العبري في وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، حتى الغي في العام 2015 من الهيكل التنظيمي ل(بترا)، كنت ولسنوات عديدة، أتابع وحيداً الكثير من ملفات الصراع العربي – الإسرائيلي والعلاقات الأردنية – الاسرائيلية ،وتطورات القضية الفلسطينية ،وكان ملف الأسرى والمعتقلين من ضمن هذه الملفات ،في العام 2007 أخذت الصحافة العبرية تُسرّب معلومات عن صفقة مُحتملة حينها لتبادل الأسرى بين حزب الله اللبناني وإسرائيل، ومما تسرب ان الصفقة ستشمل أيضاً اسرى "ملطخة أيديهم بالدماء" بحسب الوصف الإسرائيلي، فسارعت على الفور بتزويد هذه المعلومة لمديري حينها الأستاذ رمضان الرواشدة والذي قام بدوره بتزودها لمراكز صنع القرار ،مما مهد الطريق لفك اسر العجلوني ورفاقه، ونقلوا بعدها الى سجن "قفقفا"،وخرج العجلوني منه بعد 13 شهراً بعد خروج المقاوم اللبناني سمير القنطار من السجن لتشابه حالتهم .

ما أريد قوله هنا انه وبعد فضل رب العالمين ،يعود الفضل بالدرجة الأولى في فك اسر عميد الأسرى الأردنيين العجلوني ،للجهود التي بذلناها أنا شخصياً والأستاذ رمضان الرواشدة في إدارة المعلومة وحسن التصرف بها وتوظيفها وقت الأزمات لخدمة الهدف المنشود ،وحل الازمة في اقل التكاليف.

حالة سلطان العجلوني يُمكن ان تُطبق هنا على حالة النائب عماد العدوان اذا اُحسن إدارة الازمة ،والتعامل باحترافية ومهنية في عملية الحصول على المعلومة وأدارتها واستثمارها : التقرير المُطوّل الذي نشره الجمعة (28 نيسان/أبريل) محرر الشؤون العربية في صحيفة معاريف العبرية ،وهو نفسه مراسل إذاعة الجيش الإسرائيلي ،الصحافي جاكي حوجي ،وبالمانشيت العريض تحت عنوان "قبيلة العدوان قالت كلمتها" وما جاء فيه من تحليل منطقي واحترافي ،مبني في الأساس على متابعة جاكي العميقة، كونه يتقن اللغة العربية، لما يجري داخل الاردن ،وعبر وسائل التواصل الاجتماعي خصوصاً تويتر ،وتحليله للفيديوهات التي رافقت الازمة الحالية، والتهديدات الصاخبة لقبيلة العدوان أو "قبيلة القدس" كما سمّاها جاكي في تقريره ،يمكن الاعتماد عليه في عملية رسم السياسات والتخطيط السليم لحل الازمة سريعاً.

ولا بد هنا من الأخذ بعين الاعتبار ضرورة الاستعانة بأصحاب الخبرة ،وعقد جلسات عصف ذهني ضمن خلية ازمه تتابع المشهد من هنا وهناك ،مع ضرورة توفير الإسناد اللازم للنائب الأردني في الدوائر الاسرائيلية ،جاكي في تحليله خرج باستنتاج " ان الأسلم للسلطات الاسرائيلية ان تطلق سراح النائب العدوان وتعيده سريعاً الى الاردن حتى تتجنب الوقوع في مشاكل أخرى لا سيما في الجانب الأمني".

أخيراً لا اخراً، نقول انه ومع توفر المصادر المفتوحة في خدمة عالم الاستخبارات ،والإمكانيات والكفاءات المميزة، وأصحاب الاختصاص، المطلوب فقط حاكمية رشيدة في إدارة الازمة ،واحترافية في إدارة المعلومات ،وتجنيدها بالاتجاه الصحيح ،مع الاستثمار الأمثل لجميع الأدوات المتاحة ،وهذا لا يغني ابداً عن استثمار الموقف الشعبي لإسناد الجهود السياسية والدبلوماسية لحل الازمة.

تابعوا أخبار الأردن على
تصميم و تطوير