لأول مرة في الأردن.. تلاوة القرآن بدلا من عقوبة السجن
قضت محكمة على طالب جامعي بعد إسقاط الحق الشخصي عنه، بعقوبة بديلة هي تلاوة القرآن، وحفظ ما تيسر منه، لاعتدائه وتهديده شابا آخر.
ووقع الشاب وهو طالب جامعي ومعيل وحيد لأسرته ضحية تصرفه الطائش عندما اعتدى على أحد الأشخاص وهدّده وآذاه، لكنَّ المُعتدى عليه أسقط حقه الشخصي، ومعها سقط الحق العام؛ فقررت المحكمة أن تمنح الشاب فرصة إصلاح نفسه بعقوبة بديلة، بإرساله لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، لتلاوة القرآن وحفظ ما تيسر منه.
وتشير تفاصيل القضية التي تابعتها وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إلى أن شابًا يبلغ من العمر 21 عامًا ما زال على مقاعد الدراسة الجامعية، ويعيل أفراد أسرته ولم يرتكب جرائم في وقت سابق ولم تسجل بحقه أي قيد جرمي، أحيل للمحاكمة يوم الخامس من آذار الماضي، وأسند إليه تهم عدّة، بسبب اعتدائه.
رئيس الهيئة الحاكمة لدى محكمة صلح جزاء عمان القاضي عصمت حسين الرحامنة، أصدر قراره في القضية بعد شهر من الجلسات والاستماع للشهود، وتوصل إلى أن الشاب مدان بعدة جرائم، ومع إسقاط الحق الشخصي، جرى وضعه تحت المراقبة المجتمعية، حيث إنه ما زال بحاجة للعقوبة.
وبين قرار التجريم أن المُدان قال في أول جلسة له، إنه غير مذنب بالتهم المسندة إليه، لكنه عاد واعترف صراحة بقيامه بها، مشيرا قرار التجريم، إلى أن المحكمة استمعت لشهادة المشتكي، إذ ذكر بأنه لا يشتكي على المشتكى عليه، وأسقط حقه الشخصي، ولا يرغب بالحصول على تقرير طبي قطعي، ولا يرغب بمتابعة الشكوى.
وقررت المحكمة سؤال المشتكى عليه، فيما إذا كان يرغب بعرضه على ضابط ارتباط الخدمات المجتمعية في قصر العدل بعمان؛ لإعداد تقرير بالحالة الاجتماعية للمشتكى عليه، ليبدي رغبته بذلك.
وتنص المادة 52 من قانون العقوبات على: إن صفح المجني عليه يسقط دعوى الحق العام، والعقوبات المحكوم بها التي لم تكتسب الدرجة القطعية، في أي من الحالات التالية، إذا كانت إقامة الدعوى تتوقف على اتخاذ صفة الادعاء بالحق الشخصي أو تقديم شكوى، وإذا كان موضوع الدعوى هو إحدى الجنح المنصوص عليها في عدد من مواد القانون، ما لم تتحقق إحدى حالات التكرار.
وتقول المادة 334 من القانون إنه إذا لم ينجم عن الأفعال المبينة في المادة السابقة أي مرض أو تعطيل عن العمل أو نجم عنها مرض أو تعطيل، ولكن مدته لم تزد على العشرين يوما، عوقب الفاعل بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة، لا تزيد على 100 دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين.
وتنص المادة 25 مكررة من قانون العقوبات على أن الخدمة المجتمعية هي إلزام المحكوم عليه بالقيام بعمل غير مدفوع الأجر، لخدمة المجتمع لمدة تحددها المحكمة لا تقل عن 40 ساعة، ولا تزيد على 200 ساعة، على أن يتم تنفيذ العمل خلال مدة لا تزيد على سنة، وأن المراقبة المجتمعية هي إلزام المحكوم عليه بالخضوع لرقابة مجتمعية، لمدة تحددها المحكمة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات.
ويشترط القانون في العقوبة المجتمعية الخضوع لبرنامج تأهيل أو أكثر، وإلزام المحكوم عليه بالخضوع لبرنامج تأهيل تحدده المحكمة يهدف لتقويم سلوك المحكوم عليه وتحسينه، وللمحكمة في الجنح وبناء على تقرير الحالة الاجتماعيـة فيمـا خـلا حـالـة التكرار أن تقضـي حتـى وإن اكتسب الحكم الدرجة القطعية ببديل أو أكثر من البدائل التالية، الخدمة المجتمعية، والمراقبة المجتمعية والإلكترونية، وحظـر ارتيـاد المحكـوم علـيـه أمـاكن محــددة مـدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة.
وقالت المحكمة في قرارها إنها انتهت إلى ثبوت ارتكاب المشتكى عليه للجرائم المسندة إليه، وإن ذلك يستتبع إعمال نص العقاب بحقه، إلا أنه وعلى ضوء أن المشتكى عليه ما زالا شاباً، وأنَّه في سن ومجتمع فتيّ مثل مجتمعنا؛ فإن ذلك يستوجب منحه فرصة لإعادة الاندماج في المجتمع بعيداً عن العقوبات السالبة الحرية أو تلك الماسة بالذمة المالية، وهو معيل لعائلته، الأمر الذي يعني بأن هنالك ظروفا جديّة تدفع المحكمة إلى الإيمان الجازم، بأن المشتكى عليه، لن يعاود ارتكاب الجرم من جانب، وأنه من جانبٍ آخر ما زال بحاجة إلى إيقاع عقوبة تضمن إدراك المشتكى عليه لعواقب أفعاله، وتضمن عدم استهتاره في مناهج الحياة المختلفة.
ولفتت المحكمة إلى أن المحكوم عليه ليس لديه أية قضايا أخرى منظورة أمام المحاكم وليس مكررا لارتكاب الجرائم بالمعنى القانوني، وفق تقرير الحالة الاجتماعية، ولم ترد أية بينة من قبل النيابة العامة على توافر حالة التكرار بالمعنى القانوني.
ووجدت المحكمة أنه وردت موافقة المحكوم عليه ضمن تقرير الحالة الاجتماعية على فرض العقوبات المجتمعية بحقه، وأنها تدابير ناجعة بحقه تحقق الغرض الذي أنشئت من أجله الأمر الذي من شأنه إعطاء الفرصة للمشتكى عليه لتصويب أوضاعه، وهو ما زال في مقتبل العمر، حيث قد تم التوصية من قبل ضابط العقوبات المجتمعية بتطبيق خدمة مجتمعية بحق المحكوم عليه لدى وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية؛ للقيام بتلاوة القران الكريم وحفظ ما تيسر منه.
وقرَّرت المحكمة وعملا بأحكام المادة 25 مكرر ثانيا من قانون العقوبات إلزام الشاب بمراقبة مجتمعية غير مدفوعة الأجر، لدى وزارة الأوقاف للقيام بتلاوة القران الكريم وحفظ ما تيسر منه، وإرسال نسخه عن قرار الحكم وملف الدعوى، بما فيه تقرير الحالة الاجتماعية إلى قاضي تنفيذ العقوبات المجتمعية لتنفيذ مضمون قرار الحكم واتخاذ الإجراء القانوني المناسب، قرارا وجاهيا قابلا للاستئناف.