اتفاقيات غير منصفة.. من يتحمل مسؤوليتها؟

{title}
أخبار الأردن -

أحمد حمد الحسبان

لا أتحدث هنا عن الاتفاقيات التي تنظم التعاقدات بين الأفراد بعضهم مع بعض، ولا تلك التي تنظم التعامل بين مؤسسات وأفراد في أمور شتى. ولا حتى اتفاقيات الخدمات التي يطلق عليها” عقود الإذعان” بكل ما تتضمن من غبن يصيب طالب الخدمة، وإنما الاتفاقيات الدولية المبرمة بين الحكومة وبعض الدول. وكذلك الاتفاقيات مع بعض الشركات الكبرى، والتي تنعكس آثارها على كل مواطن أو مقيم على أرض المملكة.

ففي حين أولت الدول أهمية خاصة لمثل تلك الاتفاقيات بمختلف مراحلها، بدءا من عملية التفاوض وانتهاء بصياغة الاتفاقية بما يضمن حقوقها، يتوقف محللون للشأن الأردني عند نصوص يعتبرونها غير منطقية، وثغرات في العديد من الاتفاقيات رتبت أعباء على الوطن وامتدت تبعاتها إلى المواطنين. وسط تساؤلات حول من يتحمل المسؤولية عن مثل تلك الثغرات التي تكشفت في عدد من الاتفاقيات.

من أبرز تلك التحفظات ما كشفت عنه تصريحات لمسؤول رفيع في وزارة المياه قبل أيام حول نص في أحد ملاحق معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية يعالج ملف المياه، ويتطرق إلى منطقة “ الغمر” التي احتلتها إسرائيل بعد عام 1967. فاتفاقية السلام نصت على عودة تلك الأرض إلى السيادة الأردنية وفقا لترتيبات محددة. لكنها ـ بحسب وزارة المياه ـ أعطت دولة الاحتلال الحق باستغلال آبار المياه التي حفرتها إسرائيل إبان فترة الاحتلال، إلى ما لا نهاية وبسقف يصل إلى عشرة ملايين متر مكعب بدلا من قدرتها الفعلية البالغة خمسة ملايين متر مكعب. كما أعطتها الحق بتطوير الآبار في تلك المنطقة المحررة إذا تدنى إنتاجها، أو حفر آبار بديلة لها في حال تعطلها لضمان استمراريتها، والسماح للإسرائيليين بالدخول والخروج من وإلى تلك المنطقة لهذه الغاية.

ومثلها أيضا اتفاقية الغاز مع العدو الإسرائيلي التي تحدد أسعارا مرتفعة مسبقا للغاز المستورد، والنص على شرط جزائي لصالح الجانب الإسرائيلي بأكثر من مليار دولار في حال إخلال الأردن بتنفيذ الاتفاقية.

هذا على صعيد الاتفاقيات الخارجية، أما بالنسبة للاتفاقيات الداخلية فالنماذج كثيرة، ومنها ـ على سبيل المثال ـ اتفاقيات الخصخصة لشركات الكهرباء، والتي نصت على شراء الحكومة للتيار المولد من الشركات المخصخصة، يضاف لها كميات” قدرة توليدية” بحوالي 25 بالمائة من حجم الطاقة المولدة، وبأسعار ثابتة تزيد كثيرا على الأسعار السائدة، ولمدة تزيد على ربع قرن. ومن الشروط أيضا التزام الحكومة بتزويد تلك الشركات بحاجتها من المحروقات بأسعار ثابتة ومدعومة، الأمر الذي كلف الخزينة مبالغ باهظة، ورفع من حجم العجز والمديونية، وارتفاع في كلفة التيار دون أن تعطى الحكومة الحق في مراجعة الاتفاقية لأي سبب كان.

ومثلها اتفاقية” العطارات”، لتوليد الكهرباء من الصخر الزيتي، التي أحيلت إلى التحكيم الدولي بعد اكتشاف أنها مجحفة بحق الدولة. والتي لم يتكشف حتى اللحظة مسار تلك القضية، ومتى يمكن البت بها.

ولأن الأمثلة كثيرة، ومن الصعب حصرها في عجالة كهذه، هناك من ينادي بمعالجة الخلل، ليس في التركيز على عملية التأهيل للمفاوضين ولمن يكلفون بصياغة الاتفاقيات فقط. وإنما بوضع تشريع يعالج هذا الملف، وصولا إلى محاسبة من يتهاون في أي حقوق للدولة في مثل تلك الاتفاقيات.

 

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير